المشهد الأخير
كمال أشكيكة
بعد أكثر من خمسة أشهر من الإنتظار والترقب، أذن مخرجوا مسرحية اسمها البلوكاج الحكومي لممثلي هذه المسرحية بلعب المشهد الأخير، هذا المشهد الذي منع البطل من لعبه، واستعين بممثل آخر للعب الدور. اضطر القيمون على اللعبة، حسب ماهو واضح للمشاهد العادي، أن يغيروا هذا البطل الذي استغل السماح له بلعب دوره مع الإرتجال في الحوار، وأطلق العنان للسانه يعد تجهيزات المسرح، وخبايا الكواليس، ويكشف ذلك للجمهور، وهو ما شد اهتمام الجمهور بالمسرحية. ولم يكتفي هذا الممثل بكشف ما يدور داخل الكواليس فحسب، بل قفز ليلعب أدوار غيره من الممثلين، وأجبر تقني الإنارة على تسليط الضوء عليه وحده دون غيره من الممثلين الذين استغل ضعف آدائهم ليجعل من نفسه نجم الركح، الذي صارت تهتف باسمه الجماهير.
بسبب هذا الممثل، وبسبب قفزاته الغير محسوبة على خشبة المسرح، أمعن الجمهور النظر إلى خلفية نص المسرحية الهشة، والذي يعتبر باب من أبواب رواية اسمها الديموقراطية، وبدأ يكتشف التغييرات التي وقعت على النص، وساهمت في تشويهه، وانحرافه على ما أريد به منذ اليوم الأول. وهنا كان لزاما على مخرجوا المسرحية التحرك، حتى لايكتشف الجمهور باقي خبايا المسرح والقيمين عليه، وأسرعوا في تغيير الممثل، خوفا من أن يعلن انسحابه للجميع، ويجعل من نفسه نجما فوق العادة.
أذن للبطل الجديد بلعب المشهد الأخير من المسرحية، وتم تقويض حركته بسلاسل ثقيلة، حتى لا ينزلق ويخرج عن النص كما فعل سلفه، كما أمر باقي شخوص المسرحية بتغيير لغة حديثهم، وتم اسكات آخرين منهم، وجعلهم مجرد ديكور يؤثت اركان الركح، طمعا في اختتام هذه المسرحية في أقل مدة ممكنة، دون اللجوء إلى أحد الأبواب الأخرى من الرواية، التي سينخر اللجوء إليها قوة باقي المتدخلين، وسيسقط الديكور المتلاشي من على خلفية المسرح، وسيكشف للجمهور ما صرح به البطل الأول وأكثر من خبايا المسرح.
لكن للحيلولة دون حدوث هذا، سيستغل المخرج كل وسائله للقضاء على اجتهادات البطل الجديد.
* كل تشابه بين المسرحية التي تحذت عنها المقال والمسرحية الحقيقية فهو من محض الصدفة.