الخبرة الجينية تثبت نسب طفل بمراكش
قضية غريبة جرت أطوارها أخيرا، بقسم قضاء الأسرة بابتدائية مراكش، حيث قضت المحكمة بالحكم لصالح طفل يبلغ من العمر أربع عشرة سنة من عمره، بإثبات نسبه لأبيه، بعد أن أقرت هيأة المحكمة بإجراء الخيرة الجينية «الحمض النووي» والتي أثبتت أن الطفل فعلا ابن للأب المدعي.
وقائع القضية التي جاء الحكم فيها لصالح الطفل وإلحاق نسبه بأبيه، بدأت أطوارها في 2013، حين تلقى أب في الستين من عمره، خضار، ويتحدر من ضواحي مراكش مكالمة من امرأة تسأله إن كان مازال يتذكرها، لتخبره أنهما كانا مخطوبين منذ 14 سنة، ولظروف خاصة، اضطرا للانفصال.
الرجل كان قد خرج لتوه من علاقة زواج فاشلة، أثمرت ولادة طفل، وبعد أن تعرف على فتاة أعجب بها، خطبها، لكنه بعد مضي شهور معدودة من الخطوبة وبعد أن كان الاثنان يستعدان للارتباط، اختفت الفتاة ولم تعد ترغب في ملاقاته، ولما يئس من ملاحقتها، عدل عن فكرة الزواج بها، وذهب لزوجته السابقة، بعد أن اقتنع بضرورة تربية ابنهما معا.
لم تخبره الفتاة أنها حامل منه، وأنها تمر بفترة وحم عصيبة جعلتها لا تطيق النظر في وجهه، فهجرته، مفضلة الابتعاد عنه على الارتباط به.
في تلك الفترة تزوجت من رجل آخر قبل بوجود طفل من خطيبها السابق، وطبعا لم يكن الخطيب يعرف بالأمر، وخلال تلك الفترة عاد لزوجته السابقة وأنجب أطفالا آخرين، ولم تعد تربطه علاقة بخطيبته السابقة، كما أنها أنجبت أطفالا من زوجها الحالي، لكنها لم تقبل أن يبقى ابنها الذي أنجبته من خطيبها قبل أن يوثقا زواجهما بعيدا عن أبيه، ففضلت أن تخوض تلك المغامرة، حتى تريح ضميرها، وهي لم تكن متأكدة من ردة فعل الأب البيولوجي. ظلت تبحث عنه، و لجأت لتجار الخضر في أسواق مراكش وسألت عنه، فكانت المفاجأة أن حصلت على رقم هاتفه، لتتصل به، ذات يوم، وتخبره أن له ابنا هو اليوم في الرابعة عشرة من عمره، وأنها تريد أن تريح ضميرها، إن هو طبعا قبل إلحاقه بنسبه.
في البداية احتار الأب، لكنه رفع، بعد استشارة محامية من هيأة مراكش، دعوى بإثبات النسب، التي استجابت لها المحكمة، حيث أقرت بإجراء الخبرة بناء على تصريحات الطرفين، وهو الإجراء الذي أخذ كثيرا من الوقت، قبل أن تأتي النتيجة كما كان متوقعا، بتطابق تام بين الأب وطفله جينيا.
والملفت أن أطوار القضية منذ انطلاق فصولها وإلى غاية الحكم فيها بإلحاق الطفل بنسب أبيه، مرت كلها بحضور زوج الخطيبة الحالي و زوجة الخطيب، اللذين كانا على علم بمجريات القضية، وساندا كلا الطرفين، أي الأب والأم في قضية ابنهما.
ولتثبت الأم حسن نيتها، أقرت أمام هيأة المحكمة بتنازلها عن نفقة أربع عشرة سنة، حيث كان همها الوحيد هو أن تثبت نسب طفلها لأبيه، ليعترف هذا الأخير ويلحق ابنه بنسبه، معلنا بذلك استثناء في العديد من القضايا المشابهة، التي يرفض فيها العديد من الآباء الاعتراف بأبنائهم، خوفا من النفقة وما يترتب عنها.
رجاء خيرات