الرئيسية » 24 ساعة » كلمة الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بمناسبة افتتاح السنة القضائية لسنة 2025

كلمة الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بمناسبة افتتاح السنة القضائية لسنة 2025

كلمة الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية

بمناسبة افتتاح السنة القضائية لسنة 2025

الرباط، الأربعاء 15 يناير 2025

بسم الله الرحمن الرحيم

حضرات السيدات والسادة المحترمين؛

نفتتح بمقتضى هذه الجلسة الرسمية السنة القضائية 2025 بناء على إذن جلالة الملك محمد السادس نصره الله، رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية. وهي مناسبة لتجدد مكونات السلطة القضائية ولاءها لجلالته، وتؤكد انخراطها الكامل في منظومة الحكامة الجيدة التي رسم جلالتُه طريقها.

ويسرني في مطلع هذه الكلمة أن أرحب بالضيوف الكرام، الذين شرفونا بحضورهم الوازن. وهو ما نعتبره ليس تشريفاً فقط، ولكنه يمثل بالنسبة لقضاة المملكة دعماً لاستقلال السلطة القضائية وتقديراً لمساهمتها في بناء دولة القانون والمؤسسات. كما أن حضوركم يعبر عن إرادة سلطات الدولة في التفعيل البنَّاءِ للمبدأ الدستوري المتعلق بالتعاون بين السلطات.

فشكراً لكم حضرات السيدات والسادة، كل باسمه وبصفته وبالتقدير والاحترام اللائقين بمقامه.

حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛

لقد عرفت السنة المنصرمة (2024) تعثراً في ممارسة المحاكم لمهامها بسبب بعض الاحتجاجات الاجتماعية لموظفي كتابة الضبط وبعض المهن القضائية الأخرى، وهو ما كان له تأثير ملحوظ على السير العادي للأداء القضائي، ولاسيما ما يهم ارتباك نظام الجلسات، وعدم تسجيل الملفات وتأخير إنجاز الإجراءات. إلاَّ أنه رغم ذلك عرفت محاكم المملكة حركية كبيرة، بحيث تم تسجيل 4.330.994 ملفاً جديداً. واستطاع القضاة البت في 4.466.727 قضية، أي بنسبة 103% من القضايا المسجلة وبنسبة 88,5 % من مجموع القضايا الرائجة، وهي نسب تدرك لأول مرة.

وإذا كان مجموع القضايا الرائجة بالمحاكم خلال السنة قد ناهز 5.052.086 فإن عدد القضايا التي تخلفت 577.851 قضية، أي أن المخلف قد تقلص بـ 142.760 قضية.

النشاط العام لمحاكم المملكة

المخلف عن السنة السابقة

المسجل خلال السنة

الرائج خلال السنة

المحكوم خلال السنة

المخلف عن سنة 2024

2023

767.847

4.662.563

5.427.290

4.700.950

720.611

2024

720.611

4.330.994

5.052.086

4.466.727

577.851

2023

2024

نسبة المحكوم من المسجل

101 %

103,3 %

نسبة المحكومة من الرائج

86,48 %

88,58 %

حضرات السيدات والسادة؛

ومن جهتها تمكنت محكمة النقض كذلك خلال سنة 2024 من إصدار قرارات في 52.904 ملف، وهو ما يمثل نسبة 109% من عدد القضايا المسجلة خلال السنة، والذي بلغ 48.210 قضية جديدة. وبذلك تمكن المستشارون بالمحكمة من التقليص من المخلف بـ 4.698 قضية، أي بنسبة 9%، بحيث انخفض المخلف من 51.247 ملف في نهاية سنة 2023 إلى 46.549 ملف في نهاية سنة 2024. وقد بلغ عدد القضايا المنقوضة 12.474 قراراً. أي بنسبة 23,6 % من مجموع القرارات الصادرة عن المحكمة خلال السنة، مقابل 76,4 % من القرارات التي صدرت فيها قرارات بالرفض أو عدم قبول النقض أو سقوط الطلب.

النشاط الخاص بمحكمة النقض

2023

2024

نسبة التغيير

المسجل

48.130

48.210

استقرار

الرائج

98.004

99.457

زيادة طفيفة

المحكوم

46.757

52.904

تحسن 13 %

المخلف

51.247

46.549

تحسن 9 % (انخفاض)

2023

2024

نسبة المحكوم من المسجل

97,15 %

109 %

نسبة المحكوم من الرائج

47,71 %

53 %

نسبة انخفاض المخلف

9 %

نسبة القضايا المنقوضة

23,6 %

ومن جهة أخرى فقد واصلت محكمة النقض خلال السنة التي ودعناها، الاضطلاع بدورها التأطيري مما أسفر عن صدور قرارات شجاعة تؤطر العمل القضائي لمحاكم الموضوع بشأن تطبيقها للمقتضيات القانونية، مما يسهم في توحيد الاجتهاد وتحقيق الأمن القضائي.

وهكذا حسمت الغرفة العقارية بكون السكن الممنوح لرب أسرة في اسمه وحده في إطار برامج الدعم الاجتماعي، هو سكن ممنوح للأسرة بكامل أفرادها طالما أنه منح مجاناً أو بثمن منخفض، ولو أن الزوج هو الذي أداه وحده. وذلك لأن وجه الاستفادة في منح ذلك السكن هو مكافحة الهشاشة وتحسين أوضاع الأسر المعوزة. ولذلك لا يكون من شأن الفرقة بين الزوجين حرمان المرأة المطلقة من السكن بدعوى أنه مقيد في اسم زوجها، إذ العبرة في الاستفادة بالأسرة وحدها“. (القرار رقم 252-7 بتاريخ 02 أبريل 2024 في الملف العقاري عدد 6525/07/04/2022).

كما ذهبت غرفة الأحوال الشخصية والميراث إلى اعتبار الزوجة محقة في الحصول على نصف ثمن العقار المسجل في اسم الزوج وحده طالما أن الزوجين كانا قد اتفقا بالتزامن مع إبرام عقد زواجهما على اشتراك جميع الأموال المكتسبة بعد الزواج مناصفة، وأن محكمة الموضوع لم تكن في حاجة إلى البحث عن مدى مساهمة الزوجة في المال المدعى فيه أو معرفة من اقتناه من ماله الخاص من الزوجين، لأن الاتفاق المكتوب باشتراك الذمة يغنيها عن الخوض في ذلك“. (قرار غرفة الأحوال الشخصية رقم 158/1 بتاريخ 10/09/2023 في الملف عدد 1102/2/1/2023).

وقضت محكمة النقض بهيئتين مجتمعتين بكون الحساب الذي يقدمه المحامي في إطار دعوى تحديد الأتعاب إنما يمثل تلخيصاً للمعاملات المالية التي بوشرت طيلة فترة نيابة المحامي عن موكله، ووسيلة لإثبات المصاريف المنفقة، وأن سقوط الحق الذي رتبه المشرع على عدم المنازعة فيه داخل الأجل القانوني، عملاً بالفقرة الثانية من المادة 51 من القانون المنظم لمهنة المحاماة، يبقى قاصراً على المصاريف ليس إلاَّ“. (القرار رقم 464/1 الصادر بتاريخ 28/05/2024 عن الهيأة الأولى المدنية والهيأة الأولى الإدارية مجتمعتين).

كما أكدت الغرفة المدنية أن أتعاب المحامي في مواجهة المقاولة الخاضعة لمسطرة التصفية القضائية، كغيرها من الديون التي على المقاولة المذكورة، يجب التمييز فيها بين الديون التي نشأت قبل صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة التصفية، وهذه يتعين التصريح بها لدى السنديك تحت طائلة سقوطها متى توافرت شروطه وفقاً للمادة 686 وما يليها من مدونة التجارية، وبين الديون التي نشأت بعده، والتي يشملها هذا الحكم. فالمعيار في التمييز بين الحالتين يتحدد بتاريخ نشأة الدين وليس تاريخ استحقاقه“. (قرار الغرفة المدنية رقم 901/1 بتاريخ 2023-12-19 في الملف المدني عدد 4196-1-1-2023).

كما اعتبرت نفس الغرفة أن الاتفاقية المغربية الفرنسية إنما تعفي من التصديق ومن كل إجراء مماثل، ولكنها لا تعفي من التذييل بالصيغة التنفيذية. وأن قرارات نقيب المحامين بتحديد الأتعاب لا تكون قابلة للتنفيذ إلاَّ بعد انصرام أجل الطعن وتذييلها بالصيغة التنفيذية. وأن الأمر القضائي الأجنبي القاضي بالتذييل هو الواجب تذييله بالصيغة التنفيذية أمام المحكمة المغربية وليس قرارُ نقيب هيأة المحامين الفرنسية“. (قرار الغرفة المدنية رقم 326/1 الصادر بتاريخ 23/4/2024 في الملف المدني عدد 6559/1/1/2022).

وقضت الغرفة التجارية بأن ثبوت تجاوز سقف الاعتماد موضوعَ عقدِ فتح الاعتماد المخصص من طرف البنك لزبونه بكيفية متكررة ومستمرة عن طريق قيام البنك بأداء ديون الزبون بمبالغ تزيد عن السقف المحدد بمقتضى العقد المذكور، يُعدُّ بمثابة تعديل لهذا الأخير، يُعطِي الحقَّ للزبون في الاستفادة من تغطية ديونه إلى غاية السقف الجديد“. (قرار الغرفة التجارية رقم 517/3 بتاريخ 10/09/2024 في الملف عدد 657/3/3/2024).

واعتبرت نفس الغرفة أن إفراط المؤسسة البنكية في رفع الاعتماد الذي تخصصه لزبونها، لا يشكل خطأ موجبا لمسؤوليتها إلاَّ إذا ثبت عِلمُها بالوضع المالي المتردِّي للزبون والميؤوس من قابليته للإصلاح، ومع ذلك رفعت سقف الاعتماد“. (قرار الغرفة التجارية رقم 299/3 بتاريخ 23/4/2024 في الملف عدد 962/3/3/2023).

ومن جهتها قضت الغرفة الإدارية أن استحقاق الأشغال الإضافية رهين بوجود تلك الأشغال فعلياً، وأنه لا مجال لاحتجاج الإدارة بعدم إنجاز ملحقٍ لعقد الصفقة بشأنها أو صدور أمر بإنجازها، مادامت تلك الأشغال قد تم إنجازُها بناء على طلب الإدارة ووفق المواصفات المتفق عليها وحيازتُها بَعْد إنجازها فعلياً“.

ورأت الغرفة كذلك أن الجَمْعَ بين فوائد التأخير والفوائد القانونية يظل جائزاً متى كانت الغاية من إعمالها جبر ضررين مختلفين، كما في النازلة، إذ أن فوائد التأخير المحكوم بها تعتبر بمثابة جزاء مالي مترتب عن عدم وفاء الإدارة بالتزامها المذكور خلال الأجل المحدد. بينما الفوائد القانونية تعتبر بمثابة تعويض عن الضرر الحاصل للمتعاقد مع الإدارة نتيجة تأخيرها في أداء المبالغ المحكوم بها قضاء“. (قرار الغرفة الإدارية رقم 562/2 الصادر بتاريخ 2 ماي 2024 في الملف عدد 5715/4/2/2023).

وقررت الغرفة كذلك أن الدولة لا تُسأل عن ضمان وسلامة أي متضرر فوق أراضيها بصفة مطلقة ما لم يثبت في حقها خطأ جسيم. وأن التعويض عن الاعتداء الإرهابي يكون في إطار قواعد العدالة والإنصاف ولموجبات الإنسانية المبنية على التضامن الوطني، والاستئناس بالظهير الشريف رقم 178-03-1 الصادر بتاريخ
2003-09-11
بتخصيص منحة مالية لفائدة المستحقين عن ضحايا الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها مدينة الدار البيضاء يوم 16 ماي 2003“. (قرار الغرفة الإدارية عدد 732/3 بتاريخ 23/03/2024 في الملف عدد 6023/4/3/2024).

وقضت الغرفة الاجتماعية أن تغيُّب الأجيرة عن العمل ستة أيام خضعت خلالها لعملية جراحية لاستئصال ورم من الدماغ، أعقبتها بشهادتين طبيتين مدتهما 34 يوماً، وجهتهما إلى المشغلة عن طريق تطبيق الواتساب الذي تم الاعتياد على استعماله في المراسلات من طرف المقاولة. فتوصل بهما الإطار المسؤول في المقاولة، مما يفيد علم هذه الأخيرة بسبب الغياب الذي لم تنازع فيه، مما يجعل ادعاء المشغلة بكون الأجيرة قد غادرت عملها بصورة تلقائية ودون إشعار، ناقصَ التعليل الموازي لانعدامه ويعرض القرار الاستئنافي للنقض“. (قرار الغرفة الاجتماعية عدد 46/1 بتاريخ 23/01/2024 في الملف عدد 237/5/1/2023).

وقضت نفس الغرفة بكون العقد المبرم مع مقاول ذاتي ليس عقد شغل لانعدام عنصر التبعية فيه بين صاحب المقاولة والمقاول الذاتي“. (قرار الغرفة الاجتماعية عدد 887/1 بتاريخ 29/10/2024 في الملف الاجتماعي عدد 2995/5/1/2024).

وقضت الغرفة نفسها بأن عقد التدريب المهني المبرم بين الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، والمقاولة وطالبي الشغل ليس بعقد شغل، مادام أن هدفَهُ بالنسبة للمُشَغِّل وفقاً للقانون رقم
1-93-16
الصادر بتاريخ 23 مارس 1993، هو تنميةُ الموارد البشرية للمقاولة وتحسين تأطيرها من خلال توظيف وإدماج حاملي الشهادات، وأما بالنسبة لطالبي الشغل فالهدف هو تحسين قابلية تشغيلهم لأول مرة عبر اكتساب مؤهلات مهنية جديدة واكتساب تجربة أولية بالمقاولة تُسَاعدهم على الاندماج في الحياة العملية“. (قرار الغرفة الاجتماعية عدد 366/1 بتاريخ 16 أبريل 2024 في الملف الاجتماعي عدد 2036/5/1/2023).

ومن جهتها اعتبرت الغرفة الجنائية أن جريمة هتك العرض المنصوص عليها في الفصل 485 من القانون الجنائي، تتحقق بمجرد المساس بحرمة جسد الضحية بدون رضاها، بصرف النظر عن ممارسة الجنس عليها أو محاولة ذلك، ولو كان الجاني عاجزاً جنسياً، مادام هتك العرض يتحقق بكافة الوسائل حتى ولو لم تقع ممارسة الجنس على الضحية من طرف الجاني“. (قرار الغرفة الجنائية رقم 805/11 بتاريخ 19/09/2024 في الملف عدد 26107/6/11/2024).

واعتبرت نفس الغرفة أن المحكمة قد خرقت مقتضيات المادة 569 من قانون المسطرة الجنائية، عندما اعتبرت أن تقديم المحكوم عليه طلب المراجعة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض يوقف تنفيذ العقوبة، والحال أن المادة المذكورة تنص على أن طلب المراجعة الذي يوقف التنفيذ هو الموجه إلى محكمة النقض“. (قرار الغرفة الجنائية عدد 1238/1 بتاريخ 24/07/2024 في الملف عدد 9959/6/1/2024).

وقضت محكمة النقض بغرفتين أن محكمة الإحالة قد تقيدت بنقطة الإحالة الواردة في قرار النقض، وذلك باستدعائها للعدلين محرري الوثيقة المطعون بزوريتها لأجل الاستماع إليهما، فتعذر حضورهما لوفاتهما. وأمرت كذلك بإحضار مذكرة الحفظ، فتعذر إحضارها لعدم العثور عليها. وأنه لا تأثير لتعذر استنفاذ الإجراءين على قرارها“. (قرار الغرفة الجنائية والغرفة المدنية مجتمعتين عدد 1436 بتاريخ 24/09/2024 في الملف الجنائي 14439/6/4/2022).

حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛

إن المقررات التي تمت الإشارة إليها هي مجرد عينة من اتجاهات محكمة النقض. وسيستمر المجلس الأعلى للسلطة القضائية في نشر قرارات المحكمة المذكورة على موقعه الالكتروني الرسمي بعنوان البوابة الإلكترونية للمملكة والتي شرع في نشرها مجاناً للعموم ابتداء من سنة 2022. وقد تمكن المجلس خلال السنة المنتهية من إضافة حوالي 12.000 قراراً جديداً إلى تلك البوابة، ليصل عدد قرارات محكمة النقض المنشورة عبرها في نهاية السنة الماضية إلى 36000 قراراً بالإضافة إلى أكثر من 688 قرار لمحاكم الاستئناف و364 حكماً لمحاكم الدرجة الأولى.

وإن المجلس إذ يسجل باعتزاز كبير أن عدد الزيارات للبوابة الإلكترونية قد قارب 13 مليون زائر من 130 دولة، فإنه سيسعى إلى تطوير الخدمات الإلكترونية لفائدة كافة ممتهني العدالة ويزيد من كثافة نشر النصوص والدراسات القانونية ومقالات وأبحاث القضاة، دعماً للمعرفة وللمعلومة القانونية والقضائية.

وإن المجلس إذ يفي بهذا الالتزام المقرر بمقتضى المادة 108 مكرر من قانونه التنظيمي لَيَتَوخى منه دعم الأمن القضائي، بإتاحة الفرصة للقضاة وأعضاء هيئات الدفاع وكافة الأطراف المعنية أو المهتمة بشؤون العدالة للاطلاع على اتجاهات المحكمة العليا واعتمادها في الخصومات المتماثلة، والسعي إلى تحقيق جودة المقررات القضائية وترشيد الطعون واستقرار المعاملات.

حضرات السيدات والسادة؛

لقد واصل المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال السنة المنقضية تنزيل محاور مخططه الاستراتيجي ولئن كان الرأي العام يطلع على ما تم تحقيقه في هذا المجال من خلال التقارير السنوية للمجلس التي تنشر بالجريدة الرسمية للمملكة، فإن الارتباط المباشر للعديد من محاور ذلك المخطط بسير العمل القضائي في محكمة النقض ومحاكم المملكة يقتضي الإشارة بإيجاز لبعضها. وفي هذا الإطار عمل المجلس خلال السنة المنصرمة على تتبع تنفيذ مقرره المتعلق بالآجال الاسترشادية المرتبطة بالمقتضى الدستوري المتعلق بالآجال المعقولة لبت المحاكم في النزاعات، وتولت مصالح المجلس تتبع سير الملفات وإبلاغ المحاكم بالأسباب الإجرائية التي تتسبب في تأخير البت قصد العمل على تذليلها في إطار ما ينص عليه القانون.

معدل التزم أحكام محاكم الموضوع بالأجل الاسترشادي

نوع القضايا

النسبة إلى الأجل الاسترشادي

القضايا المدنية والعقارية والاجتماعية

72 %

القضايا الزجرية

75 %

القضايا التجارية

77,50 %

والجدير بالذكر أن المجلس قد اعتمد في وضع الآجال الاسترشادية للأجل المعقول بناء على مقاربة تشاركية، وأنه قد أوضح لسائر قضاة المملكة في دوريته رقم 37 أن الغاية من تتبعه لتطبيق الآجال المعقولة يستهدف بالأساس التصدي لإخلالات التدبير التي تؤدي إلى هدر الزمن القضائي مثل عدم تبليغ الاستدعاءات أو عدم إنجاز الخبرات في الآجال المحددة لها. كما أكد المجلس على ضرورة احترام الإجراءات المسطرية ومراعاة شروط المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع، التي لا ينبغي أن تتأثر من جراء تطبيق تلك الآجال.

وخلال السنة المنصرمة شرع المجلس بتعاون وتنسيق مع وزارة العدل في تنزيل بعض فقرات مخطط الانتقال الرقمي للمحاكم. ويتم خلال المرحلة الراهنة التحضير لتطبيق برمجية تتعلق بطباعة الأحكام من طرف القضاة وتوقيعها إلكترونياً لتسهيل تداولها وتوزيعها. بالإضافة إلى تجربة برمجيات أخرى تفضلت وزارة العدل بإعدادها، من بينها الطبع الآلي للأحكام عن طريق الإملاء الصوتي، وتسجيل مقالات الأوامر بالأداء عن بعد، والبت فيها عبر بوابة إلكترونية. بالإضافة إلى خدمات أخرى أعلنت عنها السلطة الحكومية المكلفة بالعدل.

ويؤمن المجلس بأن الانتقال الرقمي ليس خياراً متاحاً، ولكنه ضرورة آنية، ترهن مستقبل العدالة، وأن كل تأخير في تحقيقه سيؤثر على سير المنظومة العدلية في القادم من الأيام، ولذلك يتعين على مختلف فعاليات العدالة ببلادنا أن تنخرط فيه، وفي مقدمتها قضاة المملكة والمحاكم. ولذلك نصت المادة 108 مكرر من القانون التنظيمي للمجلس على التنسيق بين السلطة القضائية والوزارة المكلفة بالعدل بشأن تطوير البرمجيات المعلوماتية اللازمة لسير المهام القضائية بالمحاكم ورقمنة الخدمات والإجراءات القضائية. وإننا اليوم نشهد نضوج أول ثمار هذا التنسيق حيث يجري تجريب العديد من البرمجيات المتعلقة بخدمات رقمية للمحاكم. وهو ما يستدعي مني تقديم الشكر والثناء للسيد وزير العدل وأطر الوزارة على تعاونهم المثمر والجاد.

ومن جهة أخرى فقد تمكن القطب المكلف بتدبير الأنظمة المعلوماتية بالمجلس من توفير عدة برمجيات ساعدت المجلس على حسن القيام بمهامه المتعلقة بتدبير الوضعيات المهنية للقضاة، والتي يجري تطويرها لأجل تحقيق منظومة رقمية شاملة في هذا المجال. وهو ما يستدعي مني التنويه بالمهندسين والأطر العاملة بقطب المعلوميات لأجل المجهود الذي بذلوه ويبذلونه في هذا الصدد.

وفي إطار الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في مخططه الاستراتيجي، تمكن المجلس خلال السنة المنصرمة من تنفيذ بعض الأوراش التي كان قد فتحها بشأن تحسين الوضعية الاجتماعية للقضاة، والتي من شأنها المساهمة في تحقيق الاستقرار المادي والاطمئنان العائلي، ولاسيما تنفيذ قرابة ألفي ترقية في الدرجات القضائية من بينها حوالي 1200 ترقية من الدرجة الاستثنائية إلى الدرجة الممتازة المحدثة، والسعي إلى توفير ظروف الاستقرار بمقار العمل بالنسبة للمسؤولين القضائيين، وهو ما يتوخى منه زيادة مستوى النجاعة القضائية وضبط سير عمل المحاكم.

ترقيات القضاة برسم سنة 2023 المنفذة خلال سنة 2024

الدرجة

عدد الترقيات

الترقية إلى الدرجة الثانية

492

الترقية إلى الدرجة الأولى

140

الترقية إلى الدرجة الاستثنائية

150

الترقية إلى الدرجة الممتازة

1192

المجموع

1974

وإن المجلس الذي ما زال يواصل دراسة الوضعيات الاجتماعية والمهنية للقضاة، ويسعى إلى تحسينها، يهتم بنفس المستوى بتخليق المنظومة القضائية، وينهج في سبيل ذلك مقاربات متنوعة انطلاقاً من مقاربة التحسيس والتأطير، التي تقوم بها بكثير من الفعالية لجنة الأخلاقيات بالمجلس ومستشاري الأخلاقيات، عن طريق ندوات علمية ولقاءات مباشرة بمقار المحاكم ودروس لفائدة الملحقين القضائيين. وكذلك عبر الدوريات ونشر مقررات المجلس ذات الصلة. مروراً بالمقاربة القانونية التي تعالج الموضوع عن طريق إثارة انتباه القضاة إلى الإخلالات الأخلاقية والمهنية البسيطة، ودعوة بعضهم إلى حضور دورات تكوينية في موضوع الأخلاقيات القضائية وبعض المساطر المهنية. وتتم المقاربة القانونية كذلك عن طريق تطبيق المساطر التأديبية، حيث يتجلى حزم المفتشية العامة للشؤون القضائية والمقررين الذين يعينهم المجلس في جدية الأبحاث والتحريات. كما أنه إذا كان المجلس يسلك الطرق التقويمية لتصحيح الأخطاء القضائية، فإنه ينهج نهج الصرامة القصوى في التعامل مع المخالفات الماسة باستقلال القضاء ونزاهة القضاة وحيادهم وتجردهم. ومما يجدر ذكره أن المجلس قد استطاع خلال السنة تصفية أغلبية الملفات المتأخرة عن السنوات السابقة. وقد تأتى ذلك نتيجة لدعم المفتشية العامة بالأطر والوسائل اللازمة من جهة، ومن جهة ثانية نتيجة للمسطرة التي استحدثها القانون التنظيمي والممثلة في تصفية الملفات بواسطة لجنة التأديب التي يرجع لها الفضل في تحقيق النجاعة المطلوبة، وهو ما كان له أثر إيجابي على الوضعيات الإدارية للقضاة المعنيين سواء فيما يتعلق بموضوع البت في ترقياتهم المؤجلة أو في تخفيف العبء النفسي عنهم.

الإجراءات التأديبية سنة 2024

  1. تقارير المفتشية العامة

    عدد التقارير

    عدد القضاة المعنيين بها

    مجموع عدد تقارير المفتشية العامة المنجزة

    683

    1324

    التقارير المحفوظة

    573

    1135

    تعميق البحث

    5

    8

    التقارير التي أحيلت على المقرر

    92

    168

    الموافقة على تقدير الثروة

    19

    13

  2. تقارير المقررين

    عدد التقارير

    عدد القضاة

    مجموع التقارير

    61

    91

    التقارير المحفوظة

    17

    21

    التقارير المحالة إلى المجلس التأديبي

    44

    70

  3. مقررات المجلس التأديبي (عدد القضاة)

العقوبات من الدرجة الأولى

العقوبات من الدرجة الثانية

عقوبة العزل والإنقطاع عن العمل

الإحالة إلى التقاعد الحتمي

البراءة والإعفاء وعدم المؤاخذة

المجموع

20

9

6

1

23

59

ومن جهة أخرى، تميزت سنة 2024 بإنهاء المجلس للمرحلة الأولى لمخططه الاستراتيجي بشأن تأطير المشهد الجمعوي للقضاة. والمجلس يعمل حالياً بمشاركة الجمعيات المهنية للقضاة على صياغة وثيقة مرجعية للتواصل بين الجمعيات القضائية ومؤسسات السلطة القضائية مبنية على احترام الدستور والقانون ومراعاة الأعراف والتقاليد القضائية التليدة، ولاسيما تجنب القضاة الممارسات النقابية والمواقف السياسية التي يحظرها الدستور، وجعل المبادئ الأساسية للقضاء تسمو على كل الاعتبارات الفئوية. ولاسيما التمسك بقيم الاستقلال والنزاهة والتجرد والحياد وواجب التحفظ وشرف القضاء وهيبته واعتباره المعنوي. وربط الوضعية المهنية للقضاة بالاعتبارات المهنية والأخلاقية وحدها، بحيث يتم تقييم أدائهم والتقرير في وضعياتهم المهنية على أساس معايير الكفاءة والجودة والنجاعة والاستقامة. وليس على أساس الانتماء الجمعوي أو عدمه. وبالقدر الذي يركز فيه المجلس على الاهتمام بالأخلاقيات المهنية باعتبار الأخلاق هي منظومة من القيم الفضلى تمثل أسمى صور الوعي البشري، وتعبر عن تمسك الإنسان بمبادئ الخير والصلاح، وجعلها مركزاً لسلوكه داخل المجتمع، مما يجعل القاضي يستحضر قيم العدل والإنصاف والمساواة، في سلوكه المعتاد، ويجعل ضميره رقيباً عليها، باعتبارها قناعة فردية يؤمن بها، قبل أن تكون التزامات قانونية. فإنه يركز جهوده على جودة تكوين القضاة باعتبارهم يمتهنون مهنة التطبيق العادل للقانون بين الخصوم.

وقد وقع التوافق على هذه الاعتبارات خلال الربع الأخير من السنة المنصرمة بإجماع مكاتب الجمعيات المهنية. وإن المجلس إذ يهنئ قضاة المملكة بما تم التوافق عليه، والذي يجسد إرادة الدستور والقوانين والتقاليد والأعراف القضائية، ليدعوهم جميعاً إلى الاستمرار في التمسك بالمعايير المهنية للقضاء والسير على النهج الإصلاحي الذي قرره رئيسهم جلالة الملك، وأن يضعوا نصب أعينهم الكلمات السامية لجلالته في خطاب العرش لسنة 2013 حيث قال حفظه الله : “ما فتئنا مند تولينا أمانة قيادتك، نضع إصلاح القضاء وتخليقه وعصرنته، وترسيخ استقلاله في صلب اهتماماتنا، ليس فقط لإحقاق الحقوق ورفع المظالم، وإنما أيضاً لتوفير مناخ الثقة كمحفز على التنمية والاستثمار“.

حضرات السيدات والسادة؛

في الوقت الذي أسعد فيه بتجديد الشكر لكم لأجل حضوركم هذه الجلسة الرسمية، وتشريف السلطة القضائية بتواجدكم بيننا، فإني أود أن أعبر كذلك عن كامل الامتنان للسيد وزير العدل وكافة أطر الوزارة على التعاون المتميز والشراكة المثمرة، وكذلك لأجل احترامه لاستقلال القضاء وسعيه لدعم جهود المجلس في هذا الصدد. كما أن الشكر مستحق للسيد رئيس الحكومة ولكافة أعضائها، وأخص منهم بالذكر السيد وزير الداخلية والسيد الأمين العام للحكومة والسيد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ولباقي القطاعات الحكومية التي تتعاون مع مؤسسات السلطة القضائية.

ويجدر بي كذلك تقديم كل الشكر والامتنان للسيدين رئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين ورئيسي لجنتي العدل والتشريع وكافة السيدات والسادة البرلمانيين على تعاونهم المتميز في تدبير النصوص المتعلقة بالقضاء، وعلى تمسكهم باحترام استقلاله.

كما يطيب لي أن أتقدم بالشكر لكافة المؤسسات الدستورية والإدارات الوطنية، والمؤسسات الدولية التي يتعاون معها المجلس، وكذا للسلطات القضائية بالدول الصديقة التي يحضر معنا اليوم نيابة عنها قضاة الاتصال الذين يمثلونها بالمملكة. وأخص بالشكر المجلس الأعلى للقضاء ببلجيكا الذي أنهينا معه خلال السنة المنصرمة عقد توأمة انتهى بنجاح، وسنسعد بعد قليل بتوقيع مذكرة تعاون مع رئيسته.

والشكر مستحق كذلك لكافة مهن العدالة ولاسيما للسيد رئيس جمعية هيئات المحامين ونقباء الهيآت، ورؤساء الهيئات المهنية للمفوضين القضائيين والعدول والموثقين والتراجمة والخبراء، ولكافة الأساتذة المنتمين لهذه المهن.

وكل التقدير للسيدات والسادة القضاة بمختلف محاكم المملكة لأجل عطائهم المتميز سواء من حيث أعداد المقررات الصادرة أو بسبب جودتها. وللسيدات والسادة أعضاء كتابة الضبط بمختلف محاكم المملكة على عطائهم المتميز.

والشكر والتقدير أخيراً للسيد الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة وكافة مساعديه والسيدات والسادة قضاة النيابة العامة وأعضاء كتابة النيابة العامة بكافة محاكم المملكة على تعاونهم ودعمهم لجهود المجلس ولكافة المؤسسات القضائية.

وأملي في الأخير أن نتمكن خلال السنة الحالية من تحقيق خطوات جديدة إلى الأمام في مجالات تطوير أداء العدالة وتحسين خدماتها وترسيخ بنيان دولة القانون والمؤسسات كما أرادها جلالة الملك.

نسأل الله التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله.