وزير الثقافة والاتصال يسرد التوجهات الاستراتيجية لقطاع الاتصال
ألقى وزير الثقافة والاتصال كلمة افتتاحية خلال اليوم الدراسي “أخلاقيات الإعلام والاتصال بالمغرب: القيم والرهانات” كرسي العربي المساري لأخلاقيات الإعلام والاتصال، وذلك بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، أول الثلاثاء 17 ماي 2017، سرد فيها التوجهات الاستراتيجية لقطاع الاتصال.
نص الكلمة:
السيد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية،
السيد رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف،
السيد مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال،
السيد مدير كرسي العربي المساري لأخلاقيات الإعلام والاتصال،
السادة الأساتذة وممثلو المؤسسات الإعلامية،
حضرات السيدات والسادة،
اسمحوا لي في البداية أن أعرب لكم عن اعتزازي بتواجدي معكم في هذا اليوم الدراسي الهام الذي ينظمه كرسي المرحوم العربي المساري في موضوع أخلاقيات الإعلام والاتصال. كبادرة تبتغي رصد وتدارس مختلف المواضيع والإشكالات ذات الصلة بالأخلاقيات ومبادئ السلوك المهني بغية الإسهام في تكريس المعرفة العلمية و تنميتها في هذا المجال.
ولعله يبدو واضحا –إذا ما استحضرنا واقع الإعلام – أن هناك إحساسا بأهمية الالتزام الأخلاقي للإعلام، على الرغم من اختلاف التوجهات الفلسفية واختلاف طبيعة المؤسسات… وهذا ما يُستشف من المواثيق الأخلاقية للمهن الإعلامية ومواثيق النقابات الصحفية التي تركز على أسس عميقة من المسؤوليات كالمصداقية، النزاهة، حماية الحقوق و الحريات الأساسية للصحفيين، احترام آراء الآخرين، احترام خصوصية الأفراد، احترام مبدأ المساوات إلى غيرها من المبادئ التي تومئ إلى المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام تجاه المجتمع. والتي تستلزم في ما تستلزمه حماية المجتمع، وترسيخ قيمه الإيجابية، وإشاعة الحوار الديموقراطي، وتبصير الرأي العام بحقائق الأمور.
حضرات السيدات والسادة،
إن البنية الإعلامية والتواصلية الجديدة والمتسمة ب :
– تنامي العمل الصحفي وتطوره؛
– وفرة للمعلومات ؛
– تعدد الفرص التواصلية التي تتيحها التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ؛
– تناسل المضامين الإعلامية من خلال أشكال تعبيرية بمستويات متفاوتةبالإضافة إلى المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكذا التقنية المتسارعة التي تمس الصحافة والإعلام…
كل هذا أدى إلى نشوء وعي مطرد)لدى الذات المهنية( بأهمية قضايا أخلاقيات المهنة.
إن آداب المهنة وقيمها كتعبير جماعي عن حس المسؤولية،غاية تسمو بالمهنة وتجلب المصداقية ورضى الجمهور، كما تحمي استقلاليتها، وتعزز مناعتها وتحصينها من كل سوء استخدام.
على ضوء هذه الملاحظة ترتسم أمامنا أسئلة تفرض ذاتها نورد بعضها فيما يلي:
– ما هي آثار التحولات التقنية والرقمية على الممارسة المهنية؟
– كيف يمكن لوسائل الإعلام أن تستفيد من التقنيات والمستجدات التكنولوجية دونما التفريط في القيم والقواعد التي تحدد شروط اشتغالها؟
– أي نموذج للأخلاقيات نريده ونصبو إليه؟
– ما هي المعايير والشروط التي تضمن المهنية الرفيعة وتحقق التوازن بين الحرية والمسؤولية؟
– ثم ما هي الرهانات والتحديات المهنية والأخلاقية الجديدة؟
إنه لمن المنطقي الإقرار أن البحث عن أجوبة شافية لهذه الاستفهامات يندرج ضمن مسؤولياتنا المشتركة غير القابلة للتفويت أو الإرجاء …
إن اليوم الدراسي هذا يشكل دونما شك فرصة سانحة لتبادل الأفكار و الآراء والتجارب. ولي اليقين أن المقاصد النبيلة التي جندت هذه الصفوة من الاساتذة و المهنيين لقادرة على تعبئة الطاقات لبلوغ ما تصبو إليه مبادرة كرسي العربي المساري.
في هذا الاطار، أعرب مجددا عن التزام وزارة الثقافة والاتصال بالعمل من أجل إرساء تعاون فعال و بناء مع الجسم الصحفي و كل الفاعلين في القطاع لكسب رهانات المرحلة، و المتمثلة في تعميق الإصلاحات تماشيا مع الإرادة السياسية الجماعية الهادفة إلى مواصلة التنزيل الديموقراطي و التشاركي لدستور 2011، بما يمكٌن من التأسيس لإعلام مهني و مسؤول و تنافسي قائم على معايير الجودة و التعددية و تكافئ الفرص و الاستقلالية التحريرية و المبادرة المبدعة… إعلام قائم كذلك على تعزيز ضمانات حرية الإعلام و الصحافة وتكريس قواعد الحرية والتعددية والتنوع و ضمان حرية الرأي و التعبير و التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة وضمان الحق في الحصول على المعلومة والالتزام بأخلاقيات المهنة كما هو متعارف عليه عالميا.
إن رهانات المرحلة المقبلة في قطاعي الصحافة والإعلام كما سبق وأشرت تتمثل أساسا في تعميق الاصلاحات الهيكلية وتنزيل مضامين القوانين التي تمت المصادقة عليها والعمل على تحديث الترسانة القانونية المؤطرة لمختلف مجالات قطاع الاتصال، وتمكين مختلف المهن من التأهيل الضروري لكسب رهان التنافسية وتكريس إشعاع المضمون السمعي البصري الوطني وتثمين الإنتاج الوطني وتقوية إشعاع السينما المغربية وتقوية النموذج الاقتصادي للمقاولة الصحفية الوطنية. مع إعطاء حيز أكبر لإخراج المجلس الوطني للصحافة الذي يعتبر رافعة أساسية في مواكبة تأهيل القطاع من خلال المتابعة و الرصد و الوساطة عن طريق إعمال آليات التنظيم الذاتي للمهنة كما هو متعارف عليه دوليا.
و في السياق ذاته لابد من التذكير بالتوجهات الاستراتيجية لقطاع الاتصال و التي ترتكز بالنسبة للمرحلة المقبلة على:
– العمل على تطوير قطاع الصحافة الورقية و الالكترونية وصيانة استقلاليته و تعدديته و دعم مقاولاته و تحديث منظومته القانونية ؛
– تنزيل مضامين مدونة الصحافة و النشر و لا سيما الخاصة بإحداث المجلس الوطني للصحافة؛
– العمل على الرفع من جودة وحكامة قطاع السمعي البصري و تعزيز تنافسيته و تثمين استقلاليته و تأهيله لكسب رهان التحرير؛
– الارتقاء بالصناعة السينمائية وتنمية الانتاج الوطني كما وكيفا مع توسيع ترويجه الداخلي وإشعاعه الخارجي مع تنظيم القطاع وعقلنة تدبيره ؛
– تحديث الإطار القانوني والمؤسساتي لوكالة المغرب العربي للأنباء والرفع من أدائها وتنافسيتها وتوسيع انتشارها الخارجي ؛
– تنمية حقوق المؤلفين والحقوق المجاورة ومحاربة القرصنة وتطوير مؤسسات حماية حقوق المؤلف ؛
– ثم تنويع وتأهيل مؤسسات التكوين والتكوين المستمر في القطاع.
بالإضافة إلى تحديث الإدارة والرفع من مردودية ونجاعة الخدمات وتفعيل دور المديريات الجهوية وإرساء آليات الحكامة في التدبير والتتبع لكافة المؤسسات والشراكات والاتفاقيات.
حضرات السيدات والسادة،
لا يسعني في ختام هذه الكلمة الافتتاحية إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل للصحفيين والهيآت المهنية وممثلي المؤسسات الإعلامية والتكوينية تقديرا لدورهم ولما يبذلونه من جهد وعمل في سبيل تجويد الممارسة الإعلامية والارتقاء بها نحو المهنية الرفيعة والحكامة الإعلامية القائمة على ذلك الوعي اليقظ والمحترس بشأن التأثير الذي يمكن ن تحدثه قوة الكلمة وسلطان الصورة في تشكيل فهمنا للعالم المحيط بنا … حكامة إعلامية قائمة على ذلك التسخير المحكم لوسائل الإعلام والاتصال والانتصار للقيم المهنية والترويج لمختلف التفاعلات والتصورات الفكرية والمفاهيم والحقائق والأحداث على نحو موضوعي ومسؤول يمدنا بالثقة والأمل في جدوى التشبت بالرسالة النبيلة التي تؤديها الصحافة والإعلام.
أشكركم على حسن إصغائكم، والسلام عليكم.