صحف الاثنين .. مسيرة الرباط ما بين مسؤولية الدولة والحكومة والأحزاب وتوظيف “العدل والاحسان”
هيمنت المسيرة الشعبية الكبيرة التي شهدها مدينة الرباط يوم الأحد 11 يونيو، تضامنا مع “حراك الريف” على أهم العناوين وافتتاحيات الصحف الناطقة بالعربية الصادرة يوم الاثنين 12 يونيو. واختلفت قراءات هذه الصحف لهذه المسيرة وشعاراتها ورسائلها، فبينما حملت صحيفة “أخبار اليوم” الدولة المسؤولية فيما آلت إليه الأمور، كتبت جريدة “الأحداث المغربية” بأن الكرة توجد في ملعب الحكومة، بينما انبرت جريدة “الصباح” على انتقاد الأحزاب السياسية التي تخلت عن دورها في تأطير المواطنين تاركة الفراغ للتعبيرات الاجتماعية غير المؤطرة. أما جريدة “آخر ساعة” فأنحت باللائمة على جماعة “العدل والإحسان” منتقدة إياها بركوب مسيرة الرباط للترويج لمطالبها السياسية. أما جريدة “المساء” التي تعتبر الأكثر توزيعا في المغرب، فغاب عن صفحاتها أي خبر حول مسيرة الربا”، ربما بسبب إغلاق الجريدة المبكر. وفيما يلي قراءة لأهم ما جاء في صحف الاثنين حول مسيرة يوم الأحد.
الكرة في ملعب الدولة
جريدة “أخبار اليوم” وصفت مسيرة الرباط بأنها “صرخة مدوية ضد الحكرة”، معتبرة أن المسيرة “أعادت روح 20 فبراير إلى الشارع وطالبت بإسقاط الفساد والاستبداد”.
وحسب نفس الجريدة فإن عدد المشاركين في المسيرة بلغوا “أكثر من 150 ألف مغربي حجوا إلى العاصمة للتضامن مع حراك الريف”.
الجريدة، انفردت بكونها خصصت ثلاث صفحات كاملة لتغطية المسيرة، وقالت إن وصفة الدولة لكبح جماح المظاهرات فشلت بدليل أن “القادة في السجن أو مختبئون من الشرطة لكن الشوارع لا تفرغ من المحتجين.
من جهته كتب مدير نفس الجريدة في افتتاحيته أن المسيرة أخرجت “الورقة الصفراء للدولة”، ومضى قائلا: “الآن، الكرة في ملعب الدولة، وعليها أن ترد على رسالة تظاهرة يوم الأحد، وأن لا تتجاهلها وتعتبرها سحابة صيف”، وختم بالقول: “لابد من البحث عن مدخل للرجوع إلى مسار الإصلاح الذي بدأ عام 2011 وتوقف بعد مدة قليلة. لا بد من إيجاد مخرج لحكومة أبريل التي احترق طجينها قبل أن تكمل 100 يوم من عمرها، لأنها بكل بساطة حكومة خرجت مائلة من الخيمة، فكيف لا تسقط في بداية الطريق..”
مسيرة سيكون لها ما بعدها
وكتبت جريدة “العلم” إن مسيرة الرباط سيكون لها ما بعدها، واكتفت في تغطيتها للمسيرة بوصف شعاراتها والمشاركين فيها، وكتبت بأن “شوارع الرباط تغلي بمئات الآلاف تضامنا مع حراك الريف”.
وسجلت الجريدة أن شعارات المسيرة ركزت على ما هو اجتماعي بالإضافة إلى المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية أحداث الريف، كما لفتت الجريدة الانتباه إلى المشاركة النسائية في مسيرة الرباط واصفة إياها بأنها كانت متميزة حيث شكلن نسبة مهمة من المشاركين .
الكرة في ملعب الحكومة
وقالت جريدة “الأحداث المغربية”، إن الكرة الآن أصبحت في ملعب الحكومة بعدما أسمع المحتجون أصواتهم في مسيرة الرباط يوم الأحد 11 يونيو. وأضافت الجريدة في كلمتها الافتتاحية “يجب أن يصل ردُّ ما على مطالب الناس.. يجب على الحكومة أن تقول للناس هذا مطلب عادل ومشروع وسننفذه، وهذا مطلب غير ممكن تحقيقه ولن ننفذه”.
وأوضحت الجريدة أن ما يقع في الحسيمة منذ سبعة أشهر هو أن “لاجهة أرادت تقديم إيجابات اجتماعية على مطالب اجتماعية، والجهة الوحيدة المخول لها تقديم هذا الجواب الاجتماعي هي الحكومة”.
نفس الجريدة انبرت منتقدة جماعة “العدل والإحسان” ومتهمة إياها بالركوب على احتجاجات الريف.
ماذا قدمت الحكومة للمواطنين؟
أما جريدة “الأخبار”، التي لم تغطي المسيرة، فاكتفت بالتساؤل “ماذا قدمت الحكومة للمواطنين المغاربة حتى الآن؟ وإلى متى سيكتفي رئيس الحكومة بالقول إنه (يتابع) ما يقع في الريف؟”.
الجريدة التي لم تورد تغطية لمسيرة الأحد بالرباط، كتبت أن المسيرات الداعية إلى التضامن مع ما يقع في الريف خلال الأيام الأخيرة، تكشف إلى أي حد أصبح المغاربة يرفضون الطريقة التي تقابل بها الحكومة مطالب الشارع”.
وذهبت نفس الجريدة إلى تحميل عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق مسؤولية ما يقع في الشارع لأنه هو من سن “المقاربة الأمنية” في التعاطي مع احتجاجات الشارع ذات المطالب الاجتماعية. وانتقدت الجريدة صمت خلفه سعد الدين العثماني وتواريه عن الأنظار في الوقت الذي يغلي فيه المغرب بالمسيرات الاحتجاجية ذات المطالب الاجتماعية.
“الاتحاد الاشتراكي”.. خبر صغير في أسفل الصفحة
جريدة “الاتحاد الاشتراكي”، حجمت مسيرة الرباط في خبر صغير من 20 سطرا للحديث عن مسيرة الرباط التي قالت بأن المشاركين فيها بلغوا الآلاف ورفعوا شعارات ذات مطالب اجتماعية، مضيفة بأن المشاركين في المسيرة الذين توافدوا من مختلف المدن المغربية حرصوا على اعتبار المطالب الاجتماعية التي رفعوها بأنها “مطلب لا تهم منطقة الريف فقط بل وكل التراب الوطني”.
“العدل والإحسان” والمطالب السياسية
جريدة “آخر ساعة” فقد اتهمت جماعة “العدل والإحسان” باستغلال مسيرة الرباط لاستعراض قوتها في الشارع بعد غياب طويل. وقالت الجريدة إن نداء الجماعة للمشاركة في المسيرة، حاد عن المطالب الاجتماعية لحراك الريف عندما دعا إلى التظاهر ضد “الحكرة والتعسف والقمع الذي تواجه به الدولة حراك المطالبين بحقوقهم العادلة والمشروعة”، وهو ما رأت فيه الجريدة “مطالب اجتماعية في مظهرها، وسياسية في جوهرها”.
أفول الأحزاب
أما جريدة “الصباح” التي تجاهلت تغطية مسيرة الرباط، واكتفت بالحديث عنها في افتتاحية رئيس تحريرها الذي تساءل عن مشاركة أحزاب سياسية في مسيرة الرباط.، معتبرا أن هذه الأحزاب تتحمل مسؤولية الفراغ الذي نتجت عنه هذه الاحتجاجات الاجتماعية “المتشنجة وغير المؤطرة”، على حد تعبير كاتب الافتتاحية.
الافتتاحية وصفت تصرف الأحزاب بالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال مكتفية بإصدار بعض البلاغات والتصريحات وتوقيع العرائض والمشاركة في المسيرات.
وكتبت الجريدة منتقدة الأحزاب “لا نعتقد أن هناك وظيفة أخرى خلقت من أجلها الأحزاب وتتقاضى عنها أموالا باهظة من جيوب دافعي الضرائب وتأخذ مقابلها مناصب وتسهيلات وتمثيليات ، غير تأطير المواطنين ورعاية مطالبهم والحديث باسمهم لدى الدولة”.
وختم كاتب الافتتاحية هجومه على الأحزاب بالقول: “حين تفقد الأحزاب هذه الوظيفة الأساسية (التأطير)، تفقد بالتالي سبب وجودها وتتحول إلى عالة على المجتمع والدولة على حد سواء، يطالب الجميع برأسها وينشد موتها”.