2021: سنة الإقلاع التدريجي والآمن للنشاط السياحي بمراكش
(فؤاد بنجليقة) و م ع
مراكش – في الوقت الذي طبعت فيه سنة 2020 تاريخ العالم بسبب الأزمة الوبائية الناجمة عن (كوفيد-19) وآثارها الوخيمة على قطاعات محورية من الاقتصاد، حملت سنة 2021 آمالا لإقلاع تدريجي للنشاط السياحي بمراكش، كأول وجهة سياحية بالمملكة.
ومع حلول أولى مجموعات المغاربة المقيمين بالخارج والسياح الأجانب، عقب القرار التاريخي ببعده القوي، الإنساني والتضامني، لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بفتح الحدود الوطنية وتسهيل عودة مغاربة العالم إلى وطنهم الأم بأسعار معقولة، بدأت السياحة في استعادة ديناميتها خاصة بعد فترة من الركود غير المسبوق بسبب (كوفيد-19).
وقد تعزز هذا الإقلاع التدريجي، المفكر فيه والمعتمد من قبل السلطات المختصة، بفضل استئناف الرحلات الدولية، وإحداث خطوط جوية جديدة، وفتح الحدود الدولية أمام السياح، وتخفيف التدابير الوقائية، ونجاح الحملة الوطنية للتلقيح بالمغرب وتوسيعها لتشمل مختلف الفئات العمرية، وكذا الأسعار التفضيلية المقترحة من قبل المنتجات السياحية.
وتتميز هذه التدابير بحكمتها وجرأتها بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي مكنت المغرب من الارتقاء إلى صف الأمم الكبرى بالعالم.
وهكذا، فتحت مؤسسات فندقية مصنفة بالمدينة الحمراء أبوابها، لاقتراح سلسلة من الخدمات لزبنائها، وسط آمال في إنعاش السياحة وجعلها رافعة للتنمية والنمو بجهة مراكش آسفي، على الرغم من تضررها جراء تداعيات الجائحة.
وحسب المركز الجهوي للاستثمار بمراكش – آسفي، فإن حوالي 17 مشروعا صادقت عليه اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار في القطاع السياحي برسم 2020-2021، فيما رأت 16 بنية فندقية و11 دورا للضيافة النور بالجهة، التي تتوفر على 1975 مؤسسة فندقية مصنفة.
ومن شأن هذه المشاريع التي رصدت لها استثمارات بقيمة 2,264 مليار درهم، أن تساهم في خلق 2924 شغلا قارا، حسب أرقام للمركز الجهوي للاستثمار بمراكش – آسفي.
يذكر أن جهة مراكش – آسفي، الوجهة السياحية الأولى، تتوفر على مؤهلات هامة، بفصل مدينة مراكش التي تستحوذ على 84 في المائة من العرض السياحي وتمثل 20 في المئة من القدرة الفندقية الوطنية.
كما أن قرب المدن الأوروبية الرئيسية (3 ساعات عبر الطائرة)، ووجود بنيات تحتية عالية، ومناخ مشمس، ومشاهد ومناظر طبيعية ومتنوعة وتراث معماري متجذر في التاريخ، جعل من هذه الجهة وجهة سياحية دولية بامتياز.
وفي السياق الحالي الاستثنائي، الذي أدى إلى توقف السياحة العالمية والوطنية، عملت وزارة السياحة والمكتب الوطني المغربي للسياحة والمكتب الوطني للمطارات والمجلس الجهوي للسياحة بمراكش – آسفي وولاية الجهة والمصالح المعنية، بعزم كبير، على صون الآليات التسويقية والتجارية لوجهة المغرب والإعداد لإقلاع على أسس صلبة.
وبفضل هذه التعبئة، كانت وجهة مراكش جاهزة، منذ وقت طويل، للمرور إلى مرحلة ما بعد الفتح واستقبال الزوار من سياح وطنيين ومغاربة مقيمين بالخارج وسياح أجانب.
ولا يغذي إقلاع السياحة بمراكش أمل الفاعلين السياحيين فحسب، بل يشمل، أيضا، مهنيي قطاعات أخرى، من قبيل الصناعة التقليدية والإطعام والنقل السياحي، وهي القطاعات المرتبطة، بشكل مباشر، بالدينامية السياحية لجهة مراكش آسفي المساهمة بشكل أساسي في النسيج الاقتصادي المحلي.
ويبدي الفاعلون السياحيون تفاؤلهم إزاء مستقبل القطاع، على اعتبار أن جهة مراكش – آسفي تتوفر على مؤهلات مهمة (تنوع وغنى المناظر الطبيعية، والغنى الثقافي، والقرى والصناعة التقليدية وحسن الضيافة …) لتقوية تموقعها ضمن سلسلة السياحة الإيكولوجية.
وتحظى السياحة الإيكولوجية بإقبال متزايد خلال هذه الفترة من الجائحة التي غيرت العقليات وأنماط استهلاك السياح، وكذا بنية القطاع في مجمله، مع إقبال كبير على كل ما هو طبيعي.
وأمام هذا المعطى، يبدو أن السياحة الإيكولوجية والتضامنية هي الأنسب للأزمة الصحية الحالية الناجمة عن انتشار (كوفيد-19)، ذلك أنها تسمح باكتشاف الثقافة المحلية وتجنب التجمعات في الأماكن المغلقة، كعوامل لانتشار الوباء.
ومن شأن السياحة الإيكولوجية أن تساهم في تحقيق التنمية الترابية المنصفة لإدماج المجتمعات المحلية بشكل أفضل، إلى جانب كونها أصبحت اتجاها شائعا شجعه تزايد الوعي بأهمية هذا القطاع على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، ثم دوره في الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي.
من جهة أخرى، يعقد مهنيو السياحة بالمدينة الحمراء آمالا كبيرة على استراتيجية النهوض بالسياحة الوطنية التي وضعها المكتب الوطني المغربي للسياحة وقطاع السياحة، والرامية إلى تسريع وتيرة إقلاع القطاع، بعد تحسن الوضعية الوبائية.
وفي هذا الصدد، قدم المكتب الوطني المغربي للسياحة آليته الجديدة للتسويق الدولي والوطني والمؤسساتي لوجهة المغرب، والتي يهدف من خلالها إلى تسريع وتيرة إعادة إطلاق أنشطة القطاع السياحي.
ويتعلق الأمر بعلامة “نتلاقاو فبلادنا”، العلامة المخصصة للترويج للسياحة الداخلية لدى فئة المغاربة (المحليين ومغاربة العالم)، والعلامة المؤسساتية للمكتب الوطني المغربي للسياحة، والتي تعتمد هوية بصرية جديدة ومنصة إستراتيجية محددة، تخصص للتفاعل مع المنظومة المهنية والمؤسساتية للمكتب، على الصعيدين الوطني والدولي.