فرنسا- اليمين المتطرف يتصدر استطلاعات الرأي
أظهر استطلاع أن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في فرنسا قد يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية بنحو 35 بالمئة من الأصوات، فيما حلت الجبهة الشعبية اليسارية المركز الثاني، واكتفى “ائتلاف ماكرون” بالمركز الثالث
أظهر استطلاع للرأي، نشرت نتائجه يوم الجمعة (21 يونيو 2024)، ارتفاع نسبة التأييد لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الذي تنتمي إليه مارين لوبان، قبيل الانتخابات التشريعية الفرنسية، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء.
وكشف استطلاع منفصل انخفاض نسبة تأييد الرئيس إيمانويل ماكرون. وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة إيفوب- فيدوسيال لصالح إذاعة « سود راديو » أن 38 % من المشاركين يريدون فوز التجمع الوطني، وزيادة التأييد بنسبة نقطتين مئويتين مقارنة بيوم 10 يونيو، أي بعد يوم من إعلان ماكرون انتخابات مبكرة. واستقرت نسبة تأييد التحالف اليساري، الجبهة الشعبية الجديدة، كما هي عند 29 % وحل في المركز الثاني. وارتفعت نسبة تأييد حزب ماكرون وحلفائه من 18 إلى 22 %.
وأعلن الرئيس ماكرون حل الجمعية الوطنية في وقت سابق الشهر الجاري ودعا إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة بعدما منيت مجموعته بهزيمة في انتخابات البرلمان الأوروبي. ومن المقرر إجراء الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية يوم 30 يونيو الجاري، والثانية في السابع من يوليوز.
ولا تسمح محاكاة الانتخابات الوطنية بالحصول على توقع مباشر لميزان القوى في الجمعية الوطنية المقبلة في فرنسا، إذ إن الانتخابات ستُقام على جولتين لحصد الأغلبية في 30 يونيو والسابع من يوليوز في كل منطقة من المناطق.
لكن استطلاع رأي شركة هاريس تنبأ بتوزيع تقريبي للمقاعد وتوقع حصول حزب التجمع الوطني وحلفائه على ما يتراوح بين 235 و280 مقعدا، وهو عدد أقل من 289 مقعدا لازما لحصد أغلبية مطلقة، إلا أنه عدد يجعله أكبر تكتل بفارق كبير.
قلق من تدهور اقتصادي
وعرض ممثلو الأحزاب الرئيسية المشاركة في الانتخابات التشريعية في فرنسا الخميس برنامجهم أمام منظمات أرباب العمل في حين يُتهم اليسار واليمين المتطرف بقطع وعود مكلفة جداً.
ويثير احتمال وصول التجمع الوطني (يمين متطرف) أو الائتلاف اليساري للجبهة الشعبية الجديدة إلى السلطة، قلق أوساط الأعمال من تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد، فيما أداء المالية الفرنسية متعثر أصلاً.
ويتنافس في الانتخابات زعيم التجمع الوطني (يمين متطرّف) جوردان بارديلا الأكثر تقدما بحسب استطلاعات الرأي، وزعيم حزب فرنسا الأبية (يسار متطرف) جان-لوك ميلانشون، ورئيس الوزراء الحالي غابرييل أتال ممثلا عن المعسكر الرئاسي.
وقال أتال إن « الفرنسيين سيختارون رئيساً للوزراء » يومي 30 يونيو و7 يوليوز من هذه الأطراف الثلاثة، علماً بأن الائتلاف اليساري للجبهة الشعبية الجديدة لم يُسمّ بعد مرشحه المستقبلي لمنصب رئيس الحكومة في حال فوزه.
وبينما يشعر المعسكر الرئاسي بقلق من عداء الرأي العام للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حاول رئيس الوزراء الخميس استعادة الإمساك بزمام الأمور من خلال التوجه إلى غرب البلاد وحض الفرنسيين على منح « الغالبية المطلقة » لمعسكره. وكان بارديلا قد استخدم الكلمات عينها مؤكداً أنه سيرفض المنصب في حال حصوله على غالبية نسبية في 7 يوليوز. لكن جولة أتال في مدينة لو مان قطعها نحو ثلاثين متظاهرا، وصاح أحدهم « أنتم سجادة اليمين المتطرف »، حسبما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.
وافتتح المعسكر الرئاسي الذي أضعفته الهزيمة في الانتخابات الأوروبية في 9 يونيو، هذه المناقشات الاقتصادية بالدعوة إلى عدم تغيير السياسة « المؤيدة لقطاع الأعمال » التي تنفّذ منذ وصول ماكرون إلى السلطة عام 2017. وحاول المعسكر الرئاسي الدفاع عن برنامجه الاقتصادي أمام أصحاب الأعمال في حين تستهدفه المعارضة على كل الجبهات، واستهدفته المفوضية الأوروبية الأربعاء فاتحة الباب أمام إجراءات تتعلق بعجز كبير في الميزانية. وقال إدوار فيليب، رئيس وزراء ماكرون السابق « يجب ألا نغيّر المنطق على الإطلاق »، بل يجب « حتى أن نذهب إلى أبعد من ذلك ».
من جهتها، دفعت الجبهة الشعبية الجديدة التي تضم مجموعات يسارية من الاشتراكيين إلى الشيوعيين، بنهج مختلف تماما، مع الدعوة إلى زيادة الحد الأدنى للأجور وإعادة فرض ضريبة على الثروات ألغاها ماكرون في بداية ولايته الأولى. وتحدث عن هذه الجبهة إريك كوكريل من حزب فرنسا الأبية وبوريس فالو من الحزب الاشتراكي، ودافعا عن برنامج تعتبره الحكومة مكلفا.
واقترح رئيس كتلة النواب الاشتراكيين بوريس فالو « ميثاقا إنتاجيا جديدا » يوحد العمال وقادة الصناعات والمستهلكين. ودعا أصحاب المليارات إلى « بذل جهد من أجل الوطنية الاقتصادية ». وبعد تعرضه لانتقادات بسبب خلافات داخلية حول كلفة البرنامج، وعد كوكريل بتقديم « أمر متجانس » بحلول نهاية الأسبوع.
وارتفعت صيحات استهجان الجمهور عندما قارن كوكريل بين « أولئك الذين ينتجون ثروات في هذا البلد وأولئك الذين ينظرون قبل كل شيء إلى أسعار سوق الأسهم ». ويعتزم التحالف اليساري تقديم كلفة برنامجه ظهر الجمعة خلال مؤتمر صحافي.
من جهته، تحدث زعيم التجمع الوطني بارديلا، عن « الميزانية غير المنطقية » للحكومة و »خطر التدهور الاقتصادي » في حال بقاء الوضع الراهن بعد الانتخابات. وتعهد الإلغاء « الكامل » لضريبة على الإنتاج تؤثر في الشركات – وهو إجراء تدافع عنه الغالبية أيضًا. ويتعهّد حزبه خصوصا خفض مساهمة فرنسا في ميزانية الاتحاد الأوروبي بملياري يورو، فيما يعتقد معارضوه أن هذا الإجراء سيؤدي في نهاية المطاف إلى « خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي ».
ووصفت ميديف أكبر منظمة لأصحاب العمل في فرنسا الأربعاء إجراءات اقترحها التجمع الوطني اليميني المتطرف والجبهة الشعبية الجديدة بأنها « خطرة » على الاقتصاد الفرنسي. وحذرت المنظمة من أنه « إذا طبقت هذه البرامج في 2024 أو بعد ذلك »، فستؤدي إلى « ارتفاع في الضرائب (…) وانسحاب مستثمرين أجانب وعمليات إفلاس كثيفة لشركات، ما يعني القضاء على فرص عمل » كثيرة.
نظام التقاعد
وما زالت مسألة إلغاء إصلاح نظام التقاعد الذي نُظمت بشأنه تظاهرات عدة، وأدى إلى رفع السن القانوني للتقاعد من 62 إلى 64 عاما، غير واضحة المعالم.
وقال باتريك مارتن، رئيس منظمة « ميديف » في نهاية جلسات الاستماع « لم نفهم أبدا ما هو الجدول الزمني والواقع » بشأن إلغاء الإصلاح.
وفي ما يتعلق باليسار، انتقد مارتن اقتراح زيادة الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 1600 يورو مقارنة بنحو 1400 يورو صافٍ حاليا، مؤكدا « إذا أردنا التعجيل بإفلاس الشركات، فلنفعل ذلك بكل سرور ».
ومنذ أن عمد الرئيس الفرنسي إلى حل الجمعية الوطنية في التاسع من يونيو، تكثر الوعود الانتخابية من جانب ائتلاف اليسار والتجمع الوطني اليميني المتطرف وحتى في صفوف السلطة التنفيذية بعد وعود قطعها قبل فترة قصيرة غابرييل أتال دعما للقدرة الشرائية.
من جهته حذر وزير الاقتصاد برونو لومير خلال هذه الجلسات من أن « مساحة المناورة في الميزانية الفرنسية صفر ».
ويبقى السؤال من سيتمكن من إقناع الناخبين بشكل أفضل قبل عشرة أيام من الانتخابات؟ أظهر استطلاع أجرته مؤسسة « إيفوب-فيدوسيال » Ifop-Fiducial الخميس تراجع حزب التجمع الوطني وحلفائه بشكل طفيف إلى 34 بالمئة من نوايا التصويت في الجولة الأولى، متقدما على اليسار (29 بالمئة) والمعسكر الرئاسي (22 بالمئة) الذي حقق تقدما طفيفا خلال بضعة أيام.
والأمر الوحيد المؤكد هو أن الانتخابات ستجري، إذ إن المجلس الدستوري رفض الخميس عشرة طعون بمرسوم الدعوة إلى الانتخابات.