تقرير المركز الوطني لحقوق الانسان حول انتخابات7 اكتوبر
تابع المركز الوطني لحقوق الانسان بالمغرب الانتخابات التشريعية عبر تكوين مجموعة من الملاحظين بعدة مدن كبرى والاقاليم التابعة لها للسهر على مراقبةعملية الانتخابات والخروقات التي تشوبها.
– ونظرا للدور الأساسي الذي تلعبه وسائل الإعلام خلال كل مراحل المسلسل الانتخابي فإن المركز كلف خلية برصدالصحافة المكتوبة بمختلف أنواعها لتتبع المرحلة الانتخابية قبل بداية الحملة الى غايةانتهائها، وعلى ضوء مستنتجات التحاليل الإحصائية للمعطيات ومجمل التقييمات التي وردت على مختلف لجان ملاحظي المركز.
– توصل المكتب التنفيذي للمركز الوطني لحقوق الانسان بتقارير من قبل لجانه حول رصد الخروقات بكل موضوعية ودون تحيز لأي جهة سياسية وعمل على تجميع هذه التقارير الفرعية في تقرير عام وموحد متضمن لمختلف الخروقات بشكل مفصل.
وفي هذا السياق فإن المركز الوطني لحقوق الانسان بالمغرب يعلن للرأي العام الوطنيمايلي:
– ملاحظات المركز ما قبل الحملة:
– استغلال مجموعة من السياسيين للأشغال والمشاريع الجارية في بعض المدن والاقاليم واستخدام وسائلها وأملاك الجماعات المحلية والمجالس الاقليمية في القرى والبوادي في حملات انتخابية سابقة لأوانها.
– انتشار البناء العشوائي قبل بدأ الحملة الى غاية انتهائها والتغاضي عن المخالفين من طرف بعض رؤساء الجماعات والبلديات ضدا على ما يمليه القانون، في ضل غياب السلطات التي اكتفت بالمشاهدة.
– عدم التزام بعض الأحزاب بمبدأالديمقراطية الداخلية وانتهاجها لمنطق المحسوبية وذلك عن طريق منح التزكياتللأعيان والوجهاء وذويهم مستعملة المعيار المالي، فيما تم إقصاء الكفاءات الشابة والمناضلة داخل هذه الأحزاب.
– تزكية بعض الأحزاب لوجوه سياسية، معروفة بالترحال السياسي متورطة فيقضايا الفساد ونهب المال العام وسوءالتدبير لها متابعات أمام القضاء بالإضافة إلى ملفات أخرى في طور التحقيق.
– منع أحد المرشحين السلفيين من التقدم للانتخابات من طرف الداخلية لادعاءات معللة في قرار المنع لم يبت القضاء فيها من قبل ولا من بعد مما يعتبر شططا في استعمال السلطة ومصادرة لحقوق المواطنين المكفولة دستوريا والمنصوص عليها دوليا، فيما تم قبول مرشحين متابعين أمام القضاء بتهم الفساد ونهب المال العاموتزوير محاضر والاغتناء غير المشروع.
– تصريحات تشكيكية وتهديدية في بعض الاحيان لبعض قيادات الاحزاب لوسائل الأعلام في نزاهة الانتخابات والتباكي في الخطابات التجمعية واستغلال المشاعر الدينية لكسب ود الناخبين في حملة سابقةلأوانها.
– ملاحظات المركز اثناء الحملة:
– تعنيف الدولة للأصوات المقاطعة للانتخابات والمناهضين لخطة التقاعد مما خلف اصابات متفاوتة الخطورة والتضييق على بعض الصحفيين وعدم احترام حرية التعبير المنصوص عليها دستوريا والمكفولةطبقا للمواثيق الدولية والبروتوكولات الملحقة بها.
– توجيه الرأي العام نحو قطبية حزبية عن طريق تسخير بعض المنابر الاعلامية تابعة لها وهو ما يشكل مساسا خطيرا بمبدأ التعددية الحزبية المنصوص عليه دستورياوشبه انعدام استعمال اللغة الأمازيغية في التجمعات الحزبية وانتهاج خطابات تمييزية.
– استغلال بعض الأحزاب السياسية للأطفال القاصرين في حملاتها الانتخابية مما يعد خرقا سافرا للمواثيق الدولية والبروتوكولات الملحقة بها: (المادتين 16 و19 من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل 20 نونبر 1989 والبروتوكول الإضافي في ماي 2000)
– تورط معظم الأحزاب المغربية فيسلوكيات عنيفة لفظية امتدت في بعض الاحيان إلى اعتداءات جسدية، حيث اتسم الخطاب السياسي بالعدوانية وتحقير الخصوم، خاصة بين أحزاب الأغلبية والمعارضة، وفي عدد من الحالات داخل الكتلتين.
– تأثير بعض الأحزاب التي تشتغل بمنطق المعاقل، محتكرة أصوات ناخبي مناطق معينة، في مشهد خارج عن مبادئ حق المواطنين في اختيار من يمثلهم، وبعيدا عن منطق البرامج، ومعالجة متطلبات الساكنة، وقد تسبب هذا المنحى الذي يعكس الفراغ المعرفي بدور المنتخب في نشوب نزاعات بين مناصري الأحزاب المنافسة إبان الحملة الانتخابية.
– مازال المال السياسي يتبوأ مكانة خطيرة في العملية الانتخابية، وخصوصا على مستوى المدن الكبرى والمتوسطة والاقاليم،فيما اشتغلت ماكينة النفوذ والنزعة القبليةبالبوادي والأقاليم الصحراوية وبعضالمدن العتيقة.
– إقحام عناصر من أعوان السلطة في الدعاية لحزب معين والتأثير على المواطنين للإدلاء بأصواتهم لفائدته مصادرين حقالمواطنين في اختيار من يمثلهم ضاربة بعرض الحائط القوانين الجاري بها العمل.
– استعانة بعض المرشحين بذوي السوابق العدلية لترهيب خصومهم السياسيين والضغط على الناخبين للتصويت لفائدتهم، مما أسفر عن نشوب حالات عنف جسديةخطيرة، وصلت لجناية قتل أحد الاشقاء لأخيه بسبب اختلافهما حول توجهاتهما الحزبية أثناء الحملة بدوار أولاد خيي التابع لجماعة سيدي التيجي بإقليم آسفي.
– إرسال بعض المرشحين رسائل استعطافية متتالية لهواتف الناخبين لحثهم على التصويت لفائدتهم مما يطرح أكثر من سؤال عن المصدر الذي مكنهم منالحصول على أرقام هواتف المواطنين المتواجدين بدائرتهم الانتخابية.
– ملاحظات المركز يوم الاقتراع
– ضعف إرشاد نسبة مهمة من المواطنينلمكاتب التصويت، مما حال دون إدلائهم بأصواتهم، فيما شهدت بعض مكاتب التصويت تكليف ممثلين عن بعض الأحزاب بالمهمة، مما يشكل خرقا تنظيميا يمس بنزاهة الانتخابات.
– عدم نزع الملصقات الدعائية لعدد من الأحزاب السياسية من الأعمدة الكهربائية والفضاءات العامة في الآجال القانونية المحددة، إذ استمر بعضها إلى يوم الاقتراعفي الساحات العمومية وكذلك المطبوعات الانتخابية متناثرة في الشوارع العامة وأمام مكاتب التصويت.
– تساهل السلطات العمومية في التعاطي مع الخروقات التي تقف وراءها بعض الكائنات الانتخابية دون غيرها ضد القوانين والتعليمات التي تحث على ضرورة ضمان انتخابات نزيهة وشفافة والتعامل مع المخالفين بحزم وصرامة.
– لم تكن غالبية مكاتب التصويت مهيأة لاستقبال الناخبين من ذوي الاحتياجات الخاصة مما حال دون ولوجهم الى مكاتب الاقتراع خصوصا في الاقاليم الصحراويةوالقرى.
– منع مجموعة من الملاحظين الولوج الى مكاتب التصويت من قبل رؤساء المكاتب والسلطات وعدم إرشادهم الى المكاتب الأخرى خصوصا المتواجدة في البوادي.
– ظهور أعوان السلطة بعد زوال يوم الاقتراع لحث المواطنين على التوجه الى مكاتب التصويت للإدلاء بأصواتهم وفي بعض الحالات تم ارغامهم قسرا.
– غياب الأمن في غالبية مكاتب التصويت يوم الاقتراع، مما ولد انطباعا بتبني السلطات الحياد السلبي، إزاء المناوشات والصدامات التي جرت بين أنصار الأحزابالمتنافسة نتجت عنها اصابات خطيرة.
– عدم إشراك مغاربة الخارج والمهاجرين واللاجئين والسجناء غير المجردين من حقوقهم المدنية والسياسة والمعتقلين الاحتياطيين.
• إستنتاجات المركز الوطني لحقوق الانسان بالمغرب حول النتائج المحصل عليها من حيث الأرقام والعوامل المساهمة في تدني نسبة المشاركة
– شهد المغرب يوم 7 أكتوبر2016انتخابات تشريعية انتهت بفوز حزب العدالة والتنمية، لكنها أكدت معطى رئيسيا وهواستمرار عزوف المغاربة عن صناديقالاقتراع بحيث أن نسبة المشاركة “الرسمية” لم تتعد 43 %، وهي نسبة لا تستجيب للمعايير الدولية، بينما نسبة المقاطعة الحقيقية هي أكبر بكثير.وكانت نسبة المشاركة حتى الساعات الأولى من يوم الانتخاب محدودة، وارتفعت كالعادة في الساعتين الأخيرتين بشكل مثير للغاية، ذلك أن نسبة المشاركة التي هي 43% قائمة على لوائح الدولة المغربية المتمثلة في 15 مليون مسجل، بينما النسبة الحقيقية للمغاربة الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات يقارب 26 مليون بحكم أن كل مواطن فوق 18 سنة يحق له التصويت وإذا بحثنا عن النسبة الحقيقية انطلاقا من قاعدة من يحق لهم التصويت ستكون نسبة المشاركة ما بين 22% الى 27% في أحسن الحالات. ويضاف الى هذا نسبة الأصوات الملغاة التي تناهز تاريخيا 5%، وهي من أعلى المعدلات في العالم .ونسبة المشاركة هذه سواء الرسمية التي تقدمها الدولة المغربية أو القريبة من الواقع السياسي للمغرب لا تؤكد فقط ضعف مشاركة المغاربة في الانتخابات بل تبرز غياب المعايير الدولية لقبول ولو معنويا الانتخابات ونتائجها وهي ضرورة تجاوز 50% من المشاركة، أي الأغلبية العادية والبسيطة.
– نسبة المشاركة الحقيقية في الانتخابات المغربية تتراوح ما بين 22% و 27%فيما نسبة %43 التي تقدمها الدولة تجعل الانتخابات التي جرت يوم 7 أكتوبر 2016 لا تستجيب للمعايير الدولية لأنها لم تحقق نسبة 51%، أي نسبة الأغلبية التي تمثل الشعب المغربي، وسيكون البرلمان الذي سينبثق عن هذه الانتخابات، من الناحية المعنوية، فاقدا للمصداقية لأنه لا يمثل إلا ربع الشعب، كما ستكون أي حكومة جديدةفاقدة لمصداقيتها المعنوية، لأن الحزب الأول لا يتجاوز 7% من أصوات المغاربة الذين يحق لهم التصويت.
ويبقى الخطير هو نظام اللوائح الانتخابية ففي الدول التي تحترم المواطن يتم تسجيل كل مواطن بلغ سن 18 سنة في اللوائح الانتخابية دون تقدمه للتسجيل بل فقطاعتمادا على شهادة سكناه ولهذا عندما تتحدث إسبانيا عن نسبة المشاركة وتكون مثلا 74%، فهي تعني نسبة المشاركة لكل من يحق له التصويت من الشعب الإسباني.
وتجهل الأسباب التي تجعل الإدارة المغربية مستمرة في الاعتماد على نظام غير مناسب بالمرة.
ومن المفارقات الدالة على ضعف نسبة التصويت رغم الاحصائيات الرسمية هوأنه لا يوجد أي شريط مصور أو صورة تبرز وجود ولو طابور صغير مكون من عشرة أشخاص ينتظرون دورهم للتصويت، عكس الانتخابات في الدول الأخرى ومنها القريبة منا مثل إسبانيا والسنغال وتونس، حيث طوابير تتجاوز الخمسين شخصا أحيانا.
– إشراف شخصيات تثير النفور السياسي على الانتخابات، وإن هذا كان عاملا ثانويا للغاية، مثل حالة وزير الداخلية محمد حصاد الذي برر عمليات فساد خطيرة مثل فضيحة خدام الدولة وكذا انتهاج منطق التباكي لدى وزير العدل مصطفى الرميد على صفحات التواصل الاجتماعي وهو يشكك في الانتخابات.
– إن بعض الأحزاب التي أظهر تقييم العملية الانتخابية تورط مرشحيها في خروقات خطيرة، خاصة تلك المتعلقة بشراء ذمم الناخبين بالإغراء والارتشاء وعبر استعمال البلطجية وتعنيف الخصوم هي ذاتها التي يتباكى قياديوها على عدم نزاهة الانتخابات، مما استخفافا بوعي المواطن المغربي.
– حكم المغاربة المسبق بفساد الكثير من المؤسسات وغياب الكفاءة، حيث يقيمون هذه الانتخابات على ضوء نتائج التعليم والصحة والأمن والبطالة وهي قطاعات شهدت تراجعا خطيرا خلال السنوات الأخيرة.
– غياب ثقافة وتقاليد التصويت لدى شريحة هامة من المغاربة، ضعف إيمان فئة الشباب بالمؤسسات التشريعية اعتقادا منهم أنه مهما كانت إرادة التغيير ومهما كان زجاج الصناديق شفافا ففكرة التزوير وتزييف النتائج راسخة في عقلية الكثير من المغاربة.
– انفراد وزارة الداخلية بإدارة الانتخابات بدل لجنة وطنية مستقلة تشرف على عملية الانتخابات يعد خرقا للمنهج الديمقراطي المتعارف عليه دوليا، وعدم اعتماد البطاقة الوطنية في التصويت يحرم ملايين من المواطنين من المشاركة في العملية الانتخابية ويفتح المجال واسعا لتزوير الإرادة الشعبية، ناهيك عما يشوب الانتخابات من خروقات قبل الحملة وفي خضمها من استعمال المال واستغلال المشاعر الدينية للمواطنين من قبل بعض الأحزاب من أجل كسب تعاطف الناخبين .
• خلاصة عامة
• نظرا لهذه التجاوزات والخروقات السافرة للقوانين المعمول بها في ظل عدم تدخل السلطات واللجنة المشرفة على الانتخاباتفإننا نسجل في المركز الوطني لحقوق الانسان ضعف تأطير الأحزاب السياسية وعدم انخراط غالبيتها في تخليق الممارسة السياسية وتزكيتها لكائنات انتخابية محتكرةلمؤسسات البرلمان في إقصاء فادح لفئة الشباب بحيث لا تتوانى عن خرق القانون وتوظيف الأساليب غير المشروعة لضمان مصالحها الشخصية ومراكمة رأسمالها المادي بمصادرة حق المواطنين في الاختيار الصائب لمن يمثلهم في المجالس المنتخبةوالمؤسسات التشريعي