داء العذراوات مرض يصيب الفتيات.. ماذا تعرفون عن هذه الأمراض؟
لكل زمن أمراضه، ومهما تقدم العلم والطب، نجد في مواجهتنا أمراضاً جديدة صنعتها حضارتنا وتسبب فيها أسلوب حياتنا، وبالحديث عن الأمراض وعلاقتها بأسلوب الحياة، إليكم مجموعة من الأمراض الغريبة التي غالبا لم تسمعوا عنها من قبل، والتي تبدو للوهلة الأولى أنها ضرب من الخيال، لكنها للأسف حقيقية وقد عانى منها أعداد كبيرة من البشر في وقت كان فيه الطب متواضعاً.
داء العذراوات
نعود إلى القرن السادس عشر مرة أخرى، وهذه المرة مع مرض يدعى الكلوروسيس، كان هذا المرض يصيب الفتيات النبيلات اللواتي مازلن في مرحلة المراهقة، ولذلك فقد ارتبط بكونه مرضاً يصيب العذراوات اللواتي ينحدرن من الطبقة الثرية، أما أعراضه فقد كانت تتجلى في انقطاع الدورة الشهرية وإصابة المريضة بإرهاق وإعياء شديد، وتحول لون جلدها لما يقارب اللون الأخضر.
وقد تم تشخيص المرض لاحقاً على أنه نوع من الأنيميا أو فقر الدم العائد إلى نقص المعادن في الدم، لكن هذا التشخيص قد تأخر لمدة قرن من ظهور المرض أول مرة، وبالتالي فإن الكلوروسيس قد ظل لفترة طويلة مشخصاً بشكل خاطئ تماماً فوصف بأنه “من أعراض البلوغ”، ووُجّه المريضات إلى الزواج؛ لأن ذلك سيمكنهن من ممارسة الجنس والتخلص من “داء العذراوات”، ولم يتبين سبب إصابة الأثرياء تحديداً فيه.
متلازمة الأسنان المتفجرة
تعد أوجاع الأسنان من أسوأ التجارب التي يمر بها كل إنسان ولو لمرة واحدة في حياته، وسواء تعلق الأمر بوجع خفيف يمكن احتماله أو ألم حاد لدرجة تتمنى معها اقتلاع أسنانك بنفسك، فإن علاجها اليوم قد أصبح يسيراً بفضل تقدم العلم، والأهم أنها مهما ساءت لن تصل، لحسن الحظ، لدرجة انفجار الأسنان! لكن الحال لم يكن دائماً هكذا.
في الواقع، برزت في القرن التاسع عشر حالات تفاجأ أصحابها بألم فظيع يصحبه انفجار أسنانهم وانقلاعها من جذورها دون سابق إنذار، وهي حالات وثقها طبيب أسنان يدعى “ويليام هنري أتكينسون”، في جريدة The Dental Cosmos التي تعد أول جريدة خاصة بطب الأسنان في تاريخ أميركا، فتعود أول حالة مسجلة إلى سنة 1817، حين عانى أحد الأشخاص من ألم أسنان لا يطاق، قبل أن يتفاجأ بانفجار هذه الأخيرة بقوة تشبه كونه قد تلقى طلقة نارية على فمه، إلا أنه بعد لحظات أحس بارتياح شديد ليخلد للنوم أخيراً بعد أيام من المعاناة. وقد تم تسجيل حالات مماثلة خلال كل من سنة 1830 و1871، بالإضافة إلى حالات أخرى، قبل أن تختفي هذه الحوادث تماماً منذ نهاية العشرينيات من القرن الماضي إلى يومنا هذا.
وفي محاولة لتفسير هذا المرض، قام فريق من الباحثين بالتوصل إلى فرضية مفادها أن هذه الانفجارات تعود لتفاعل غاز الهيدروجين مع المعادن التي كانت تستخدم حينها في علاج التسوس وملء المواضع المتضررة من هذا التسوس.
وهم الزجاج
تخيل أن تستيقظ يوماً من النوم لتجد جسمك قد تحول بالكامل إلى زجاج، تخيل أن نهايتك أصبحت محتمة بمجرد سقوطك أو ارتطامك بأي جسم؛ وبالتالي فإن الكل يتهمك بالجنون، لكن الذي لا يعلمه أحد، هو أنك مصاب ب”وهم الزجاج”.
انتشر هذا المرض النفسي في القرون الوسطى، ويعد الملك الفرنسي شارلز السادس أشهر مصاب بهذا المرض في التاريخ، وإحدى أولى الحالات المسجلة أيضاً؛ فقد كان هذا الملك المسكين مقتنعاً أنه سيتحطم إلى شظايا بمجرد اقتراب أي شخص منه، ولذلك فإنه اعتاد على لف جسمه بالأغطية السميكة بهدف حماية نفسه، وقد انتشر خبر مرض الملك بسرعة بين شعبه لتكون النتيجة أمراً غير متوقع، وهو إصابة عدد كبير من الناس بهذا المرض.
في الواقع، يعتقد أن هذه الحالات في الغالب تنقسم إلى قسمين، قسم يدعي إصابته بالمرض ليتم تشبيهه بالملك، وقسم أصابه الخوف الشديد أو أراد بشدة أن يصاب بمرض الملك نفسه إلى الدرجة التي أصيب معها به بالفعل، أي باختصار، يمكننا أن نقول أنه كان “موضة” في تلك الفترة.
من ناحية أخرى، يرجح ارتباط هذا المرض بتلك الفترة تحديداً إلى كونها الفترة التي ظهر فيها الزجاج أول مرة، وبالتالي فقد كان ينظر إلى هذه المادة وكأنها عمل من السحر أو الخيال، لكن حالات “وهم الزجاج” لا تنحصر في القرون الوسطى، بل تم تسجيل حالات متعددة بعدها، آخرها سنة 1964، وقد قام المحلل النفسي آدم فيليبس بتفسير الحالات الحديثة عن طريق ربط الزجاج بالضعف والشفافية؛ وبالتالي فإن المصابين بهذا المرض يحسون أنهم ضعفاء جداً وأنهم مكشوفون للعالم القادر على رؤية جميع أسرارهم وفضائحهم وعيوبهم.
الفك الفوسفوري
ننتقل إلى القرن التاسع عشر، وتحديداً إلى مصانع أعواد الكبريت التي كان عمالها يعانون في صمت، ففي ذلك الوقت، كانت المادة المشتعلة التي توضع على أعواد الكبريت هي الفوسفور الأبيض الذي كان يبعث غازات سامة تسببت في إصابة العمال بحالات صداع الرأس الحاد، والأهم، إصابتهم بتورم شديد على مستوى الفك الذي يبدأ بتفريغ إفرازات كريهة قبل أن يبدأ بالانتفاخ الشديد ليشوه وجه صاحبه، ويشكل خطراً حقيقياً كان يستدعي في حالات كثيرة استئصال الفك السفلي.
على الرغم من أن خطر الفوسفور الأبيض قد كان واضحاً ومعروفاً، إلا أن قرار حظره واستبداله بالفوسفور الأحمر انتظر 50 سنة ليخرج إلى النور، وذلك سنة 1906، علماً أنه قد تم تشخيص المرض أول مرة سنة 1858؛ وذلك بسبب الأهمية التي كانت تكتسيها صناعة أعواد الثقاب في ذلك الوقت، وكذا تجارة الفوسفور الأبيض التي كانت في أوج ازدهارها.