النص الكامل لكلمة الأستاذ خالد الركيك خلال تنصيبه وكيلا للملك لدى المحكمة الإبتدائية بمراكش
ألقى الأستاذ خالد الركيك زوال اليوم بمقر المحكمة الإبتدائية بمراكش خلال مراسيم تنصيبه وكيلا للملك لدى نفس المحكمة كلمة مقتضبة إلتزم من خلالها بمواصلة الجهود لتجويد العمل القضائي , موضحا بالمناسبة مرتكزاته و توجهاته بعد تعيينه من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وكيلا للملك لدى المحكمة الإبتدائية بمراكش
وهذا نص الكلمة :
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين
السيدة الفاضلة الأستاذة ماجدة الداودي عضوة المجلس الاعلى
للسلطة القضائية ممثل جناب السيد الرئيس المنتدب للمجلس الاعلى للسلطة القضائية.
السيد الرئيس الأول لدى محكمة الاستئناف بمراكش
السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراکش؛
السيد والي جهة مراكش آسفي عامل عمالة مراكش والوفد المرافق له
السادة المسؤولون القضائيون؛
السيد نقيب هيئة المحامين بمراکش؛
و السادة رؤساء المجالس الجهوية للمفوضين القضائيين والعدول
والموثقين؛
زميلاتي القاضيات زملائي القضاة رئاسة ونيابة عامة؛
السيدات والسادة أطر وموظفي كتابة الضبط.
أيها الحضور الكريم كل باسمه وصفته.
اسمحوا لي بداية أيها السادة الأفاضل أن أوجه لكم عبارات الشكر والامتنان والعرفان على تلبيتكم الدعوة لحضوركم هذه الجلسة الرسمية، بالرغم من التزاماتكم وانشغالاتكم الكثيرة .
إن هذه اللحظة من اللحظات التي يشعر فيها المرء بالفخر والاعتزاز بالثقة المولويةالشريفة بعد تعييني من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس دام له النصر والتمكين، وكيلا للملك لدى المحكمة الابتدائية بمراكش بناء على اقتراح المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال دورة يناير 2019 ميلادية.
حضرات السيدات والسادة الأفاضل
إني أؤكد لكم أنه بقدر اعتزازي بتعييني بهذا المنصب بقدر استشعاري بجسامة وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقي والتي تحتم علي بذل مجهودات كبيرة لأكون في مستوي الثقة المولوية الغالية، والانخراط أساسا في الاصلاح الفعلي المتعلق بمنظومة العدالة بجميع مكوناتها، تطبيقا لإرادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده وفق ما تضمنته الخطب الملكية السامية، وخاصة الخطاب الملكي السامي لثورة الملك والشعب يوم 20 غشت 2009 والذي يعتبر خارطة طريق لإصلاح منظومة العدالة ببلادنا، وأيضا الخطاب الملكي ليوم 08 أكتوبر 2010 بمناسبة افتتاح الدورة الخريقية للبرلمان والتي أسس لمفهوم جديد لإصلاح العدالة وهو ” القضاء في خدمة المواطن وكذلك الخطاب السامي والتاريخي لجلالة الملك ليوم 09 مارس 2011 والذي تم على إثره الارتقاء دستوريا ومؤسساتيا بالقضاء الى سلطة مستقلة الى جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية من خلال تعيين المجلس الاعلى للسلطة القضائية، وتعيين السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيسا للنيابة العامة وبذلك يكون المغرب من بين الدول التي لها الريادة على الصعيد العالمي في تكريس استقلال فعلي وحقيقي للسلطةالقضائية .
هذه الريادة لدينا الاعتقاد الصميم والايمان الجازم أنه ينبغي تجسيدها كذلك على مستوى الممارسة القضائية اليومية، وبلورة مضمونها على أرض الواقع من خلال عدالة، قوية، ناجعة، نزيهة ، مستقلة، ومنفتحة، تمكن من نشر قيم العدل بين المتقاضين
واحترام حقوق وحريات الأفراد وفق ما هو منصوص عليه قانونا وذلك بهدف تجسيد دولة الحق والقانون .
حضرات السيدات الفاضلات والسادة الأفاضل؛ إن الثقة المولوية الشريفة التي حظيت بها تطوقني بمسؤولية كبرى وتجعلني عازما كل العزم وبإرادة قوية وبتوكل من الله وعون منه على القيام بمهامي يحزم وأمانة وبضمير مسؤول، من أجل حسن تنزيل السياسة الجنائية ومضامينها، وحسن تدبير الادارة القضائية بهذه المحكمة ذات الاشعاع الوطني والدولي والتي كان لقضاتها الفضل في اصدار أحكام رائدة في العمل القضائي، وشهدت قاعاتها مرافعات قيمة تنم عن ثقافة قانونية واسعة، ومحاكمات رائدة ساهم فيها قضاة رئاسة ونيابة عامة ممن راكموا تجارب علمية وعملية وكانوا حقا هامات قضائية، أخلصوا للوطن ولقيم الحق غايتهم تحقيق العدل، وقد شاركهم في أداء رسالتهم الفاضلة محامون شرفاء همهم الدفاع عن الحقيقة. لأجله أدرك حضرات السيدات والسادة أن تعييني على رأس المحكمة يجعلني أمام أكثر من رهان.
1 رهان أول يتمثل في الحفاظ على المكانة العلمية والقضائية لهذه المحكمة والتي راكمت منذ احداثها مجموعة من الممارسات الفضلى المشهود بها وأسست لعمل قضائی رصین ،حققت به الجودة والاحترافية والتميز في الأداء المهني، والذي التزم بالمساهمة في تجويده وتطويره ليكون منتوجا قضائيا متميزا
.
رهان ئان: يتمثل في السهر على تنفيذ مقتضيات السياسة الجنائية للمملكة كما حددتها الرؤية الاستراتيجية لجناب السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة الواردة في مجموعة من المناشير الموجهة للسادة الوكلاء العامين ووكلاء الملك والتي تهدف الى حسن تدبير مرفق النيابة العامة وجعلها مستقلة عن جميع التأثيرات السياسية والعقائدية والمالية والاجتماعية وتضمن تحقيق الأمن القضائي للأفراد وتتمسك بسيادة القانون وصيانة قيم المجتمع وحماية مقدساته، وذلك وفق التدابير التالية:
1- تحسين ظروف الاستقبال والتواصل مع المتقاضين والحرص على راحتهم و
الاهتمام بتظلماتهم والتقليص من آجال البت في الشكايات والمحاضر
2- حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وترشيد استعمال الأليات القانونية الماسة أو المقيدة للحريات، وذلك باستعمالها وفقا للقانون دون تجاوز أو تعسف، وزيارة أماكن الاعتقال وفقا للفترات التي حددها المشرع لزيارة مخافر الضابطة
القضائية والسجون وضمان حقوق الدفاع وتمكين السادة المحامين وباقي مساعدي العدالة، من القيام بمهامهم المنصوص عليها قانونا في أحسن الظروف، والعمل كذلك على احترام الآجال المعقولة المنصوص عليها في الفصل 120 من الدستور .
3- ترشيد الاعتقال الاحتياطي وعقلنة تطبيقه، ومعالجة قضايا المعتقلين بسرعة في اطار ضمانات المحاكمة العادلة مع الحرص الشديد على تفعيل بدائل الاعتقال الاحتياطي وكذلك تفعيل العدالة التصالحية.
4- تخليق الحياة العامة وذلك بالتعامل إيجابا مع جميع الشكايات والبلاغات التي تتوصل بها من الأشخاص أو المنظمات المختلفة، بخصوص مكافحة والتصدي للفسادالمالي، المتمثل في الرشوة واستغلال النفوذ واختلاس المال العام والغدر على اعتبار أن محاربة هذه الجرائم من أولويات السياسة الجنائية للدولة التي يتعين على النيابة العامة إيلاءها العناية اللازمة
5- حماية الأمن والنظام العامين، حتى يتمكن المواطن من ممارسة حقوقه والتمتع بالحريات التي يكفلها له الدستور، وكذا السهر على حماية الفئات الخاصةكالنساء والأطفال من كل أشكال العنف، وحماية الموظفين القائمين على إنفاذ القانون من الاعتداءات والاهانات التي يتعرضون إليها بسبب قيامهم بعملهم، إضافة الى حماية الملكية العقارية التي تعتبر أحد دعامات التنمية الاقتصادية واستعمال الاليات القانونية الفعالة لضمان الأمن العقاري للمواطنين
وأتعهد بتحقيق هذه الرهانات في اطار محكمة ذي نموذج فاعل في مكافحة كل مظاهر الفساد ، وذلك باتخاذ كل التدابير والإجراءات وفقا لمعايير النزاهة والشفافية بجعل هذه
المحكمة فضاءا خالصا لإنتاج العدالة، وحل النزاعات بين المتقاضين، وتقديم الخدمات المرفقية للمرتفقين فقط لا غير، والمحافظة على حرمة المكان من المتطفلين والسماسرة
الذين يتاجرون بمشاكل الناس وهمومهم ويستغلون جهلهم ونقص خبرتهم ويراهنون على القرارات القضائية للنصب على مرتفقي العدالة، وهذا كله ايمانا منا أن المسؤولية ليست امتیازا بل هي عهد وأمانة وميثاق يتعين القيام به بإرادة وعزيمة للوصول الى تطلعات المواطن المغربي في العدالة المغربية.
أيها السادة الأفاضل ؛
إنه للوصول الى هذا المبتغی وتحقيق هذه الرهانات، لابد من تظافر جهود جميع المتدخلين وعلى رأسهم السيد الرئيس الأول لدى محكمة الاستئناف بمراكش، والسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، الذين أكن لهما فائق التقدير والاحترام وأعول على مساندتهما ودعمهما لي، وهما المعروفان بأخلاقهما العالية وتجربتهما الكبيرة في المجالين القضائي والاداري والمشهود لهما بالكفاءة والحكمة في التسيير والتدبير.
وأعول كذلك على دعمكم السيد الرئيس الأستاذ الفاضل عبد القادر لطفي، القاضي المقتدر والرئيس المحنك ذو السبق الوطني في تنزيل تجربة المحكمة الالكترونية والريادة في إنشاء وتجهيز الملفات الإلكترونية، وما يتطلب كل ذلك من جهود صادقة
وتضحيات جسيمة خدمة لمرتفقي العدالة وتيسير ولوجهم إليها، وأمد يدي اليكم من أجل التعاون والمشاركة في القيام بالمهام المنوطة بنا للارتقاء بالعمل القضائي بهذه الدائرة القضائية إلى المستوى المطلوب. كما أعول كذلك على أطر وموظفي كتابة الضبط الجنود المجندين وراء كل نجاعة في الادارة القضائية وتحقيق العدالة، وهم أحد الأضلاع الأساسية التي يراهن عليها لتحقيق الأمن القضائي للمواطن، إلى جانب السادة المحامين باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من اسرة القضاء ولايمكن تحقيق النتائج المرجوة دون انخراطهم جميعافي مسلسل الإصلاح وتثمين المنتوج القضائي بهذه المحكمة.
نعول كذلك على باقي منتسبي العدالة: مفوضين قضائيين وعدول وموثقين وخبراء وضابطة قضائية وشرطة ودرك ملكي، والتعاون مع باقي السلطات العمومية المختلفة من أجل وضع اليد في اليد للمساهمة في تكريس دولة الحق والقانون وذلك في احترام
تام لمبدأ استقلال السلطة القضائية .
ولا يخامرني، أيها السادة الأفاضل، أي شك أني سأجد السند القوي والدعم الكبير فيكم حتى نصل إلى الهدف المنشود.
وقبل الختام أريد أن أنوه بالعمل الجبار الذي قام به زميلي الاستاذ عبد الحق نعام على رأس هذه النيابة العامة والذي نتمنى له كامل التوفيق والنجاح في مهامه القضائيةالجديدة.
حضرات السيدات والسادة الأفاضل
أجدد شكري لكم، وعذرا إن لم أتوجه لكم بالخطاب المباشر، هي تقاليد وأعراف القضاء الشرعية، التي توجب على النيابة العامة أن تخاطب المحكمة .فلكم مني كل التقدير والاحترام، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لأداء مهامنابصدق وأمانة وإخلاص. وأن نكون في مستوى المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقنا
وأن نكون عند حسن ظن القاضي الأول رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية جلالةالملك محمد السادس دام له النصر والتمكين حفظ الله مولانا الإمام بما حفظ به الذكر الحكيم و أقر عينه بولي العهد المولى الحسن وصنوه السعيد، مولاي رشيد. و باقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة إنه سميع قريب مجيب الدعاء
قال تعالى : ” وقل إعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله والمؤمنين”
صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته