الفيلالي …مغربي يكتب قصصا للفرنسيين والإسبان والإنجليز ويعمل حارسا للسيارات بتطوان
الكاتب:
وصال الشيخ
في مدينه تطوان يقف محمد الفيلالي علي باب “النوادر” احد ابواب المدينة القديمة السبعه، منذ 16 عاماً. هو يعمل كحارس سيارات، بعدما عاني طويلاً من البطاله، لكنه يقول اليوم انّ “الكتابه قدره”.
اصبح الفيلالي كاتب قصص وحكايات باللغات الاربع الفرنسيه والعربيه والانجليزيه والاسبانيه، وقد علّم نفسه القراءه والكتابه. في الثامنه والعشرين من عمره، اتقن الاسبانيه الي جانب الفرنسيه بحكم دراسته للادب الفرنسي، اما الانجليزيه فاتقنها من خلال الاستماع للراديو والتلفزيون.
في الماضي، لم يستطع شراء الة كاتبة بسبب اوضاعه الماديّه المتدهوره. واليوم، اختفت هذه الاله، اما هو فراح يستخدم الحاسوب والاجهزه الذكيه ليتابع قراءاته وكتاباته. يعيش الفيلالي اليوم وفق نمط حياه بسيط، يخلو من التكلف. يقول: “اعيش مع اسرتي، زوجه وطفلان (صبي وبنت) بشكل متوازن وصحيح. والدي علّمني ان السلامه والصحه الجسديه والتربيه اهم ما في الحياه”.
قبل 16 عاماً، كان الفيلالي يجلس في منزله من دون عمل يحفظ له كرامته ويكفيه شرّ الاستعطاء والناس. عندما راه جاره بهذه الحاله غير المستقره والتي هي اشبه بحياه المشرّدين، عرض عليه عملاً لقاء اجره زهيده. لم تكن الخيارات متاحه امامه، فوافق من دون شروط. ثماني ساعات عمل يومياً وايام العطل غير وارده، لكن “هذا العمل انقذني من البطاله. لا ارغب ولا في اي لحظه في العوده الي حياتي الماضيه”.
حراسه السيارات جعلت الفيلالي يفتح باب “النوادر” لاشخاص من جنسيات مختلفه، قابلهم وتعرّف وتحدث اليهم، هو الذي لم يسافر في حياته قطّ. وعما يجمع مهنه الحراسه والكتابه، يقول: “الكتابه مهنه اقدم من الحراسه. الكتابه قدري وانا اسير في هذا الطريق. هي اختارتني”.
لكن الفيلالي يخاف الا يكون علي المستوي المطلوب ولا يؤدّي رسالته. ويشدّد علي ان “الكتابه مسؤوليه كبيره. لست استاذاً لاعطي الدروس. نحن نغيّر مظهرنا الخارجي، لكننا لا نغيّر اصلنا وتراثنا. وبحكم تجربتي، اجد ان الغربيين يحترموننا لعاداتنا وتقاليدنا التي نبذناها نحن”. يضيف: “صحيح انني لا استطيع العيش من الكتابه، الا انها امانه ويجب الا نحرف تفكير الناس”. ويشير الي ان من اسباب عزوف الشباب عن القراءه، هو نوعيه الكتابه العربيه السيئه التي تحبط الشباب الذي يعاني معظمه من البطاله. الي ذلك، فان الفرد العربي فقير غير قادر علي شراء الكتب”.
وكان الفيلالي قد اكتشف موهبته عندما كان مراهقاً، يوم اجتاحته رغبات كثيره لم يحققها. وهذا النقص جعله يكتب، لتصبح الكتابه لعبته المفضله حينها. يقول: “بدات افرغ ما في داخلي واتخلص من الامي واحباطاتي. عندما بلغت العشرين، تحوّلت من كتابه الشعر الذي لا علاقه له بالواقع، الي القصه القصيره. في ذلك الحين، كانت والدتي مريضه. وعندما كانت تعود من الرباط حيث تتلقي العلاج، كانت تجدني اكتب وامزّق اوراقي. لم اقتنع بما كتبت يوماً. وعندما بدا اعمل بحراسه السيارات، كنت استغل الوقت في القراءه والكتابه”.
وراح الفيلالي يطبع كتبه علي حسابه الخاص. اما قصته الاخيره “120 سنتيماً”، فقد وافق صاحب المطبعه علي تقاضي فقط نصف المبلغ المطلوب.
في بدايه تجربته، تحمّس للكتابه بالاسبانيه. وصدرت قصته الاولي عام 1997 تحت عنوان “دخيل غير منتظر”، في اشاره الي الموت الذي حرمه من احبّته مثل جدته التي علمته حب الحياه والطبيعه، وزوج خالته الذي كان يجلب له الحلوي والسكاكر. وبدا ينشر قصصه بلغات عده، بعد ولاده طفلته التي شكّلت له دافعاً الي الامام.