قطاع السياحة ..عيون مراكش تترقب أول سائح ما بعد نهاية الجائحة
عبد الجميد زويت -مراكش24
بعد مرور شهرين على تعليق الرحلات السياحية في العالم كإجراء إحترازي أوصت به منظمة الصحة العالمية للحد من تفشي الوباء عبر العالم، لا زالت عيون الالاف من المشتغلين في قطاع السياحة بمدينة مراكش، تترقب بقلوب مليئة بالألم والأمل وصول أول طائرة سياحية ما بعد جائحة كورونا، وإستقبال أول سائح، لتدوير العجلة السياحية بالمدينة التي تعتمد حركتها الإقتصادية بشكل أساسي على مداخيل السياحة والفلاحة ،وكذا التحويلات المالية المرتبطة بالصناعة التقليدية .
أمال المشتغلين في القطاع السياحي بالمدينة إصطدمت بالبلاغ الذي اصدرته منظمة السياحة العالمية نهاية شهر أبريل الماضي، حيث وزعت منشورا على وكالات الأسفار و وزارات السياحة عبر العالم تحث من خلاله الجميع على الإلتزام بالحجر الصحي و قضاء الوقت في المنازل، و رفعت المنظمة التابعة للأمم المتحدة شعار” إبقى في منزلك اليوم لكي تستطيع السفر غدا ”.
الضرر الذي طال أهم قطاع إقتصادي في مدينة مراكش لم يستثني أي ناشط في هذا المجال، وظهر على العديد من المرتبطين بهذا القطاع خصاص مادي حاد منذ اليوم الموالي لتوقف حركة النقل السياحي بين مراكش والعواصم الأوروبية ، بالإضافة لمستخدمي أزيد من 940 منشأة ومؤسسة سياحية، وأزيد من 420 مطعم سياحي مصنف، و قرابة 370 وكالة أسفار، وآلاف الصناع التقليديين، بالإضافة للمئات من وكالات النقل السياحي .
عبد الصادق القاديمي رئيس الجمعية الجهوية للمرشدين السياحيين بجهة مراكش أسفي، بدوره لم يخفي صعوبة الأوضاع الإقتصادية التي يمر منها القطاع حاليا، وخصوصا لدى المرشدين السياحيين، مؤكدا أن كافة المشتغلين في القطاع يترقبون عودة الحياة السياحية للمدينة من أجل تجاوز هذه المرحلة الحرجة التي يمر منها المغرب و العالم، وقال في تصريح خص به “مراكش24 “أن مستقبل القطاع السياحي بمدينة مراكش لا يزال مجهول العوالم ومفتوحا على كل الإحتمالات حتى ما بعد نهاية جائحة كوفيد 19 , موضحا أن السيناريوهات المستقبلية للقطاع السياحي بمدينة مراكش ترتبط حاليا برفع الحجر الصحي النسبي عن بعض المناطق في العالم ، وكذا رفع الحجر الصحي الكامل ومرتبط أيضا بفتح قنوات السياحة الداخلية والخارجية .
ويضيف السيد القاديمي أن وزارة السياحة منكبة حاليا على تفعيل برنامج وطني لإنعاش السياحة الداخلية ومن شأن هذه المبادرة أن تدفع نسبيا بعجلة الحركة السياحية في المغرب خلال صيف هذه السنة، لكن هذه المبادرة ستبقى محدودة الأثر وليس بمقدورها تدوير عجلة القطاع السياحي لأن المغاربة سيترددون قبل السفر -يضيف القاديمي -, مشيرا إلى أن الخدمات التي يقدمها هو وباقي المرشدين السياحيين في مراكش مخصصة في الأصل للسياحة الخارجية .
ويردف المتحدث : “للأسف نحن لا نتوقع أن يتحرك النشاط السياحي بمدينة مراكش قبل شهر مارس 2021 و حتى في حال إقلاع الحركة السياحية من جديد وفتح المجالات الجوية للتنقل والسفر فالإقبال على وجهة مراكش سيتم بالتدريج و إستعادة مدينة مراكش لعافيتها السياحية سيتطلب مزيدا من الوقت، ومن المنتظر أن يتحفظ السائح مستقبلا عن التجول بحرية مطلقة لإستكشاف المدينة مثل ما كان عليه الحال قبل الجائحة، ومن المرجح بقوة ايضا أن تتكمش المداخيل المالية المرتبطة بالسياحة في مراكش لبعض الوقت، لكن ما هو مؤكد هو أن إعادة إقلاع القطاع السياحي ستكون مسبوقة بعودة إشتغال قطاع الطيران والنقل في مرحلة أولى، فيما سيبقى قطاع الإرشاد السياحي أخر ملتحق بهذه الانتعاشة الخفيفة، و كشف السيد القاديمي أن هناك وكالات أسفار شرعت في تلقي حجوزات لشهر أكتوبر ونوفمبر من هذه السنة لكن الحجوزات تبقى قليلة جدا.
وتأسف المتحدث للحالة المادية لبعض المرشدين السياحيين الذين عانوا من ضيق ذات اليد ومنهم كبار السن مؤكدا أن المرشدين السياحيين لم يتلقوا دعما بصفتهم المهنية بإستثناء الأجراء التابعين لوكالات الأسفار بالإضافة لنسبة قليلة جدا كانت مسجلة بنظام راميد, مشيرا في نفس الوقت إلى أن الجمعية قامت بعدة خطوات للتخفيف من وطأة وتبعات هذه الجائحة كان أولها مراسلة السيد رئيس الحكومة بخصوص الأوضاع المادية المتأزمة للمرشد السياحي وثاني الخطوات تأسيس صندوق التضامن الإجتماعي مع المرشدين وثالث خطوة سحب 20 في المائة من حجم الإنخراطات وتخصيصها لدعم المرشدين الأكثر تضررا والأكثر حاجة للدعم والمساعدة وتوزيع مساعدات إجمالية بلغت 65 ألف درهم
ومن جانبه قال محمد أسلايمي وهو مستخدم بفندق من فئة 4نجوم إن الشلل التام الذي ضرب قطاع السياحة في المدينة يعد الأسوا على الإطلاق في تاريخ المدينة وأسوأ ما فيه هو عنصر المباغتة والصدمة التي خلفها في أوساط العاملين واغلبهم كان يعيش حياة بسيطة لا وجود فيها لأي تأمين إحتياطي من شانه تسهيل ظروف العيش في مثل هذه الأزمات ولولا الصندوق الذي دعى لإحداثه جلالة الملك محمد السادس لدعم كافة المغاربة المتضررين لكانت التداعيات الإجتماعية للشلل السياحي وخيمة وكارثية .
ويضيف المتحدث أنه كان يتقاضى 3800 درهم كأجر شهري علاوة على قرابة 400 درهم بشكل يومي أو أكثر عبارة عن إكراميات من السياح كانت تسمح له بإرسال 1000 درهم كل شهر لأفراد عائلته بمنطقة الحوز و كان يؤدي أيضا 3000 درهم قيمة الأقساط الشهرية للمصرف البنكي الذي تكلف بتمويل شقة إقتناها قبل 3 سنوات في منطقة العزوزية حيث يعيش الأن هو و طفله الوحيد وزوجته العاطلة عن العمل و يواجه صعوبات متعددة للعيش برفاهية مثل السابق حيث بات لزاما عليه هو وزوجته تدبير مصاريف ومستلزمات العيش تماشيا مع مبلغ 2000 درهم يتوصل بها شهريا كتعويض عن فقدان العمل منذ شهر أبريل .و ليس بإستطاعته حاليا دفع الأقساط الشهرية المتعلقة بالمنزل
و علاقة بتبعات جائحة كورونا على الصناع التقليديين يكشف الصادق بوزهر وهو صانع تقليدي و عضو يمثل قطاع الصناعة التقليدية بغرفة جهة مراكش أسفي أن أغلب الصناع التقليديين خلال هذه الجائحة إستنزفوا مدخراتهم المالية التي كانت مخصصة أصلا لإقتناء المواد الأولية للصناعة وهذه الشريحة مهددة حاليا بالإنقراض و رغم أن أغلب الصناع التقليديين تلقوا دعما ماليا من الصندوق الذي أمر بإحداثه جلالة الملك لمساعدة الأسر المغربية والتخفيف من التبعات الإجتماعية والإقتصادية على جميع المغاربة (يضيف بوزهر) إلا أن هذا القطاع يستوجب ما بعد نهاية جائحة كورونا دعما قويا لإعادة عجلته الإقتصادية للحياة , مؤكدا بلهجة مراكشية أن (القضية ناشفة) والمأمول هو إلتفاتة ملكية سامية من جلالة الملك محمد السادس لإعادة إنطلاق القطاع , مضيفا أن الإقلاع ما بعد نهاية الجائحة يستلزم دفعة قوية من الراعي الأول للموروث الثقافي بالمغرب جلالة الملك محمد السادس نصره الله .
ومن جانب أخر تحكي “السيدة فاطمة” با هدي وزوجها” أحمد أو سعيد” وهما منخرطان في تعاونية لزيت الأركان بمدينة مراكش أن صناعة وإعداد مواد تجميل تقليدية مستخلصة من زيت الأركان كان يدر عليهما قرابة 5000 درهم شهريا من الأرباح كانت تكفي فعليا لتغطية كافة مصاريف الأسرة المكونة من 7 افراد بشكل ممتاز قبل أن تحل على المدينة هذه الجائحة الخبيثة التي شلت قطاع السياحة بشكل كامل وحتى الأن نحن جد متخوفون من المستقبل يضيف (السيد أحمد ) أكيد أن الصندوق الذي أحدثه جلالة الملك لدعم الأسر المغربية مهم جدا بالإضافة للدعم الحكومي الذي تم تخصيصه للتعاونيات لكن هل يمكن أن يستمر هذا الدعم حتى تعافي قطاع السياحة بمدينة مراكش هذا جد مستبعد (يؤكد أحمد) صندوق الدعم منح كافة الأسر التي تضررت من تبعات الجائحة مبالغ مالية لا يستهان بها لكن لا أظن أن هذا ممكن في حال تطلب تعافي القطاع سنتين أو ثلاث , والمطلوب حاليا هو تحرك وزارة السياحة على جميع المستويات لضمان توافد ولو قسط يسير من السياح على مدينة مراكش إنطلاقا من شهر أكتوبر القادم.
خبراء القطاع السياحي يرجحون إسترجاع مدينة مراكش عافيتها الإقتصادية مع متم سنة 2022 في حال تم رفع الحجر الصحي بشكل كامل عن العالم مع نهاية السنة الحالية وأيضا إذا إرتأت السلطات العامة في المغرب ضرورة فتح الحدود لكن الأكيد هو أن التدابير والإجراءات الإحترازية ستتغير بالكامل وليس في متناول أغلب المرتبطين بالقطاع بلورة سلوكات جديدة بإمكانها تبديد مخاوف السائح الصحية , ويتطلب الوضع من كافة الفاعلين والمتدخلين الإسراع بوضع صياغة وتصورات لصورة جديدة لمراكش ما بعد الجائحة