الدولة العلوية أرست دعائم دولة ناشئة وأسست لنهضة حضارية
مراكش- أكد المشاركون في ندوة نظمت، السبت بمراكش، حول موضوع “بدايات الدولة العلوية بالمغرب .. تاريخ وتراث وتنمية”، أن الدولة العلوية الشريفة، إبان قيامها، ساهمت في ترسيخ دعائم الدولة الجديدة الناشئة، وأسست لبوادر نهضة حضارية مزدهرة ومستقرة.
وأوضح المشاركون، في هذا اللقاء المنظم من قبل مؤسسة مولاي علي الشريف المراكشي، بشراكة مع المديرية الجهوية للثقافة بمراكش – آسفي وكلية الآداب جامعة القاضي عياض بمراكش، أن المؤسسين الأوائل للدولة العلوية، اعتمدوا نهجا قويما ومميزا، في تدبير وتسيير المحطات التاريخية بنفس الحنكة والحكمة والتدبير والغيرة الوطنية الصادقة في تدبير شؤون البلاد وتنميتها.
وأكد رئيس مؤسسة مولاي علي الشريف المراكشي، مولاي سلامة العلوي، أن سلاطين وملوك الدولة العلوية طبعوا، بمواقفهم العظيمة، التحولات الكبرى التي عرفتها المملكة المغربية على كافة الأصعدة خلال قرون من الزمن.
وسجل السيد العلوي أن الملوك والسلاطين المتعاقبين على حكم المغرب، إبان الدولة العلوية، تركوا بالغ الأثر، بشخصيتهم وحكمتهم وبعد نظرهم، في الأحداث العالمية الكبرى التي ميزت عهدهم، مما جعل المملكة تحتل موقعا متميزا على الساحتين الدولية والوطنية.
وأشار إلى الدور الذي اضطلعت به الدولة العلوية في صيانة الخصوصية الثقافية ومرتكزات الهوية بكل روافدها المجسدة للخصوصية التاريخية للدولة المغربية، التي تلتقي فيها مكونات الدولة مع الرهانات التنموية، على اعتبار أن هناك علاقة تاريخية ودينية واجتماعية بين الماضي والحاضر.
من جانبه، أكد رئيس جامعة القاضي عياض، مولاي الحسن احبيض، أن “تأسيس الدولة العلوية الشريفة في مرحلة عصيبة وخطيرة طبعت أحداث المغرب خلال النصف الأول من القرن السابع عشر الميلادي، كان تأسيسا مباركا ساهم فيه ملوك عظام أبرزهم المولى محمد والمولى الرشيد والمولى إسماعيل”.
وأضاف السيد احبيض أن “هؤلاء الملوك العظام تمكنوا، بعزيمتهم وإجماع المغاربة، من إخراج البلاد من دائرة الأزمات والأخطار والرسو بها في بر الأمان، وضمان وحدتها الترابية وتعزيز مرتكزات هويتها الدينية والسياسية والثقافية”.
وأبرز أن “التجليات المشرقة لهذه الاستمرارية الشرعية، ما حققه المغفور له جلالة الملك محمد الخامس من منجزات عظمى أبرزها مواجهة مناورات المستعمر، ومساهمة المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني في بناء مغرب حديث يساير متغيرات العصر ويحفظ له ثوابته ومقوماته الحضارية، ليأخذ المشعل بنفس الوتيرة وبكل إصرار وعزيمة صاحب الجلالة الملك محمد السادس ليكون خير خلف لخير سلف”.
من جهته، استعرض عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، السيد عبد الرحيم بنعلي، الأحداث التاريخية التي مهدت لقيام الدولة العلوية والسلاطين البارزين الذين أثروا في مسارها، خاصة المولى الرشيد والمولى اسماعيل، ومساهمتهم الفاصلة في توطيد دعائم الدولة الحديثة.
وأشار إلى أن هذه المحطات المشرقة تواصلت في تاريخ المغرب الحديث، على غرار ماجابهه المغفور له جلالة الملك محمد الخامس من تحديات جسام في مواجهة الاستعمار الغاشم وتحرير المغرب والمغاربة من قبضة الاستعمار، راسما خريطة الطريق لتنمية المغرب بعد حصوله على الاستقلال.
وخلص إلى أن “نفس الدرب سار عليه جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، مبدع المسيرة الخضراء ومحرر الأقاليم الجنوبية المغربية وصانع النماء المغربي، واستمر على نهجه، بكل عزيمة وتفان ونكران للذات، صاحب الجلالة الملك محمد السادس باني المغرب الحدیث”.
وتتوزع أشغال هذه الندوة، المنظمة على مدى يومين (3 و4 أبريل الجاري) تحت شعار “أمانة الحكم وحكمة التدبير”، على ثلاث جلسات علمية تشمل الأولى موضوع “المغرب ومنعطف القرن الحادي عشر للهجرة/السابع عشر للميلاد الظرفيات والمتغيرات”، و”بناء الدولة وكفاية التدبير”، و”التراث الثقافي بالحاضرة المراكشية”.
وتعرف هذه الندوة العلمية مشاركة مجموعة من الأساتذة الجامعيين والباحثين الأكاديميين الذين سيقاربون الإرهاصات الأولية لقيام الدولة العلوية الشريفة وامتداداتها الحضارية الممتدة، ومساهمة سلاطينها الشرفاء في تشكيل معالم الهوية المغربية، بما تراكم في سيرهم من مناقب دينية وروحية ورصانة سياسية اجتماعية واقتصادية.
وسيقام بالموازاة مع أشغال الندوة معرض للمسكوكات المغربية خلال بدايات الدولة العلوية، كما ستنظم مائدة مستديرة حول الإستراتيجية الطبية الوقائية والرفع من قدرات المنظومة الصحية بالمغرب في مواجهة وباء كورونا واستنباطها من تاريخ البلاد في مواجهة الأوبئة والجوائح بمشاركة كلية الطب والصيدلة بمراكش.