لقاء تشاوري حول سبل تجويد المدرسة العمومية
اليوسفية – انعقد، أمس الخميس، بمقر عمالة إقليم اليوسفية، لقاء ترابي يندرج في إطار المشاورات الوطنية لتجويد المدرسة العمومية، بهدف إشراك كافة الفاعلين الترابيين المعنيين بهذا الورش المجتمعي الضخم، وذلك من أجل ضمان نجاحه بشكل كامل.
وتميز هذا اللقاء، الذي نظمته الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكش – آسفي، بشراكة مع عمالة إقليم اليوسفية، بحضور عدد من المسؤولين، وممثلي السلطات المحلية، والمنتخبين، وفاعلين من المجتمع المدني، وممثلي جمعيات آباء وأولياء التلاميذ.
وهدف اللقاء، الذي يأتي في سياق المشاورات الوطنية من أجل تجويد المدرسة العمومية، التي أطلقتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إلى إغناء النقاش العمومي، الذي تم إطلاقه حول تحسين جودة المدرسة العمومية، خدمة للتنمية المستدامة.
وقال عامل إقليم اليوسفية، السيد محمد سالم الصبتي، في كلمة بالمناسبة، إن هذا اللقاء يأتي ضمن سلسلة اللقاءات التشاورية مع جميع المتدخلين، بهدف الانصات المسؤول لكافة المكونات الترابية المحيطة بالمدرسة، من خلال النقاش البناء والمندمج، وكذا تقديم مقترحات ملموسة لتنفيذ هذا المشروع المجتمعي، وذلك في إطار ترسيخ المقاربة التشاركية في سيرورة الإعداد والتطبيق وتحقيق الالتقائية والتكامل مع مختلف المتدخلين، من أجل تنزيل الرؤية الاستراتيجية للإصلاح التربوي، وبلوغ مدرسة الجودة، والانفتاح وتكافؤ الفرص.
وأوضح السيد الصبتي، في هذه الكلمة التي تلاها نيابة عنه الكاتب العام لعمالة إقليم اليوسفية، السيد لحسن إيغير، أن التعليم باعتباره “شأنا مجتمعيا يعنى به الجميع، تأتي مبادرة وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بإعلان المشاورات الوطنية حول المدرسة، باعتبارها مجالا للتربية والتعليم والتعايش في ارتباط وثيق بالمستوى الترابي تحت شعار من أجل تعليم ذي جودة للجميع، والتي انطلقت من جهة مراكش – آسفي بورشات نموذجية بالمؤسسات التعليمية الابتدائية والثانوية، شارك فيها على المستوى الإقليمي التلميذات والتلاميذ والأساتذة وأولياء الأمور بمجموعة من المؤسسات”.
وأضاف أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس حرص، منذ اعتلاء جلالته عرش أسلافه المنعمين، على وضع مسألة التربية والتعليم في صلب اهتماماته، و لا أدل على ذلك ضمنته العديد من خطبه السامية حول منظومة التربية والتعليم، الأمر الذي يؤكد عنايته المولوية بهذا القطاع باعتباره رافعة أساسية للتنمية المتوازنة ومساهما فعالا في تأهيل الرأسمال البشري، مذكرا بحرص دستور المملكة على تعزيز المبادئ الأسياسية للنهوض بالتعليم، وكذا بالإصلاحات العميقة التي شهدها قطاع التربية والتعليم، خلال العقدين الأخيرين.
وأكد أن وضع نظام للحكامة الترابية في مجال التربية والتعليم بالموازاة مع الجهوية المتقدمة، التي يسير المغرب بخطى حثيثة نحو ترسيخها سيكون من نتائجها تنمية جهوية مستدامة للمدرسة العمومية، داعيا الجميع إلى العمل، انسجاما مع سياسة اللامركزية واللاتمركز في تدبير المنظومة التربوية، في إطار منهجية تشاركية مبنية على التشاور وتبادل الآراء والمقترحات، التي من شأنها إغناء الحوار بين مختلف الفاعلين من أجل الارتقاء بجودة المدرسة العمومية بإقليم اليوسفية.
وخلص إلى أن هذا اللقاء التشاوري حول سبل تجويد المدرسة العمومية يتقاطع في جوهره مع الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2105- 2030، وأحكام القانون الإطار 17-51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، من شأنه أن يغني خارطة الطريق لمنظومة التربية والتعليم للسنوات المقبلة، وأن يمكن من تحديد الأهداف المتوخاة وتحقيق نهضة تربوية تستجيب لطموح النموذج التنموي الجديد للمملكة، وفق الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
من جهته، قدم السيد هشام غازولي، عضو اللجنة الجهوية للمشاورات الوطنية لتجويد المدرسة العمومية بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكش – آسفي، عرضا مستفيضا حول السياق العام، والإطار المرجعي، والأهداف، وميكانيزمات إشراك مختلف الأطراف المشاركة، وكذا حول المنهجية المعتمدة في إطار هذه المشاورات الوطنية، الموجهة، في نهاية المطاف، إلى إرساء أسس مدرسة عمومية ذات جودة للجميع.
وأوضح، في هذا السياق، أن هذه المشاورات، تروم إغناء خارطة الطريق لإصلاح منظومة التربية والتكوين برسم الفترة 2022- 2026، الرامية إلى توفير الظروف المواتية للطفل لاستكمال تمدرسه الاجباري وتطور مهاراته وقدراته، مع تمكينه من الدعم الاجتماعي للدولة والشركاء المنخرطين، وذلك في إطار مقاربة شاملة.
من جانبه، أشاد المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، السيد يوسف آيت حدوش، بانعقاد هذا اللقاء التشاوري الترابي، الذي يندرج في إطار سياقين، أحدهما وطني، والآخر خاص “محلي” و”جهوي”.
وذكر، في تصريح لقناة (إم 24) التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، بأن الوزارة كانت قد أطلقت مسلسل المشاورات بشكل تجريبي انطلاقا من جهة مراكش- آسفي، وارتكزت فيه على المرجعيات الثلاث، ممثلة في القانون الإطار 17-51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وتوصيات النموذج التنموي الجديد، والبرنامج الحكومي للفترة 2022-2026.
وأوضح السيد آيت حدوش أنه تم عقد لقاءات مع كل من هيئة الإدارة التربوية، ثم مع هيئة التأطير والمراقبة (المفتشون)، وكذا مع الأساتذة في إطار المجموعات البؤرية، والتي أفرزت مقترحات وتوصيات ستغني لا محالة المجهود الإصلاحي إقليميا وجهويا ووطنيا.
وأضاف أنه جرى أيضا عقد لقاءات مع التلميذات والتلاميذ داخل المؤسسات التعليمية، حيث تم الاعتماد على مجموعة من تقنيات استقاء آراء، من قبيل الخيال الإبداعي، والمجموعات البؤرية، مبرزا أن “هذه الورشات أفرزت أفكارا جيدة تترجم بشكل صادق وعميق جدا رؤية التلاميذ لمدرسة الغد، والتي ستتم مناقشتها وتقاسمها جهويا ووطنيا، من أجل اعتمادها في تدقيق خارطة الطريق الإصلاحية 2022-2026″.
وتجدر الإشارة إلى أن أشغال هذا اللقاء توزعت على ثلاث ورشات، تناولت العديد من المواضيع تتعلق، على الخصوص، ب”دور تجويد المدرسة في تنمية الجماعة الترابية”، و”دعم الجماعة الترابية للمدرسة”.
يذكر أن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة كانت قد أطلقت استشارة وطنية من أجل تعليم ذي جودة للجميع، حيث تم فتح العديد من فضاءات التفكير والنقاش والبناء المشترك أمام جميع الأطراف الفاعلة في هذا القطاع، سواء على الصعيد الوطني أو بمشاركة مغاربة العالم، مع اقتراح سلسلة من التدابير للنقاش العام، والتي شكلت ثمار العمليات السابقة الهادفة إلى تحسين النظام التعليمي الوطني، وذلك بغية خلق بيئة تعليمية ملائمة، سواء بالنسبة للمتمدرسين أو لأطر هيئة التدريس الذين يطورون أداءهم في مؤسسات حديثة.
وستعرف هذه المشاورات الوطنية عقد ما يقرب من 6200 مجموعة تركيز على المستوى الوطني، و82 لقاء ترابيا على مستوى العمالات والأقاليم، وحضور أكثر من 150 ألف مشارك في مختلف ورشات العمل المنظمة، بالإضافة إلى فتح منصة إلكترونية أمام مساهمة جميع المواطنين، بمن فيهم مغاربة العالم www.madrastna.ma.
ويهدف هذا التنظيم العام للمشاورات إلى “ضمان الجودة في القرارات التي ستتخذ، والوقوف على الممارسات المبتكرة، وكذا مختلف الفاعلين حول ضرورة وجدوى التغييرات التي سيتم إعمالها مستقبلا، حيث يظل الهدف هو أن رسم معا مسارا لتنفيذ إصلاح مبتكر لمدرسة الجودة.