رشيد لبكر: الخطاب الملكي السامي الموجه للبرلمان هو خطاب لتحويل الأزمة إلى فرصة
وصف الأكاديمي رشيد لبكر، الخطاب الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم الجمعة بالبرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، بأنه خطاب تحويل الأزمة إلى فرصة.
وأبرز السيد لبكر، وهو أستاذ القانون العام بكلية الحقوق التابعة لجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، أن هذا الخطاب الملكي السامي جاء مستجيبا لضرورات ملحة تعرفها بلادنا، بحيث يؤسس لمقاربة جديدة لتدبير ندرة المياه ولجلب المزيد من الاستثمارات.
و أشار إلى أن الخطاب الملكي شكل في محوره الأول ناقوس خطر ودليلا على أن المغرب يواجه بالفعل مشكلة حقيقة على مستوى أمنه المائي، ومن جانب آخر فهو دعوة إلى ضرورة التعامل بجدية أكبر مع هذه المادة الحيوية.
وفي هذا الصدد، أكد أن الجميع مطالب اليوم بتحمل مسؤولياته كاملة، مستشهدا في ذلك بقول جلالته « أن الحالة الراهنة للموارد المائية، تسائلنا جميعا، حكومة ومؤسسات ومواطنين، وتقتضي منا التحلي بالصراحة والمسؤولية، في التعامل معها، ومعالجة نقط الضعف، التي تعاني منها ».
كما أبرز السيد لبكر أن الخطاب الملكي شكل دعوة صريحة من جلالته إلى التسريع في تفعيل المخطط الوطني الجديد للماء كإجراء مستعجل على المدى المتوسط، من شأنه تعزيز سياستنا في مجال الماء عبر تدارك التأخر في كيفية تدبير هذه المادة ومن ثم بلورة خيارات جديدة لهذا التدبير تكون دائمة ومستدامة.
وقال إن هذه الخيارات تتأسس على عدد من التوجهات التي حددها صاحب الجلالة في النقط التالية: أولا بلورة مبادرات أكثر طموحا تستثمر فيها الابتكارات الجديدة والتجهيزات المتطورة من أجل مواجهة الهدر المائي عبر إعادة استعمال المياه العادمة، وثانيا ترشيد استغلال المياه الجوفية عبر التصدي لظاهرة الضخ السائب والآبار العشوائية، ثم البحث عن موارد مالية لتمويل هذه المشاريع وتعبئة كل الإمكانات لتفعيل هذا المخطط الذي يجب الابتعاد به والنأي به بالنظر الى أهميته القصوى عن المزايدات السياسية والتجاذبات الاجتماعية الشعبوية.
وخلص إلى أنه من خلال هذه الإجراءات يمكن الوصول إلى تدبير أمثل للطلب على الماء، ومن ثمة تحقيق اكتفائنا الذاتي منه، وتجاوز وضع الإجهاد المائي الذي اصبح كما قال جلالة الملك ذا طابع هيكلي يندر بالخطر، وهو الأمر الذي يدعو الجميع الى تحمل مسؤولياته في الحفاظ على الماء ومحاربة هدره وتبذيره.
أما في ما يخص المحور الثاني من الخطاب فيرى الأكاديمي أنه لا يقل أهمية عن المحور الأول بالنظر الى حساسية الموضوع الذي تطرق إليه صاحب الجلالة وهو قضية الاستثمار، مبرزا أن جلالة الملك جدد دعوته الى ضرورة رفع العراقيل لتحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي عن طريق الارتكاز على مضامين الميثاق الجديد للاستثمار الذي خصص له وقت طويل من البحث والدراسة والمشاورات المكثفة.
وذكر أن المغرب يعول الآن على هذا الميثاق لإعطاء جاذبية اكبر لنموذجه الاقتصادي، مضيفا ان الاستثمار يحظى ببالغ اهتمام جلالته، حيث دعا الخطاب إلى ضرورة أن يحظى الاستثمار بالدعم المركزي للدولة والتفعيل الحقيقي لسياسة اللا تمركز فضلا عن رقمنة الإدارة وتوفير الدعم المالي للمشاريع المنتجة، إضافة الى منح ثقة أكبر للمستثمرين الراغبين في الاستثمار في المغرب عبر تفعيل وسائل التحكيم والوساطة وكلها اجراءات تدخل في مجال تأهيل المنظومة القضائية لجعلها في خدمة الاقتصاد وداعمة للاستثمار.
واعتبر السيد لبكر أن جلالة الملك حدد في خطابه السامي المفاتيح الأساسية التي يجب الانكباب عليها من آجل إعطاء زخم جديد للاستثمار الذي يعتبر الواجهة الأساسية التي يطل بها المغرب على العالم.