المغرب يعتزم بلوغ نسبة 52 % من الطاقات المتجددة بحلول عام 2030
سلطت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح،أمس الأحد بالرباط، الضوء على خارطة الطريق التي بلورها المغرب من أجل مواءمة قطاعه المالي مع التنمية المستدامة.
وأبرزت فتاح، التي مثلت المغرب خلال المائدة المستديرة رفيعة المستوى حول موضوع “تمويل المناخ من أجل تحقيق تغيير مستدام”، المنظمة على هامش الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية، أن خارطة الطريق هذه تحدد جهود والتزامات مختلف الفاعلين بالقطاع المالي بهدف دعم دور القطاع في مشاريع التخفيف والتكيف مع تغير المناخ.
وفي هذا الصدد، تطرقت الوزيرة إلى “وجود إرادة لمراجعة هذه الخريطة بالنظر الى التطورات السريعة في هذا المجال”، مذكرة بأن إشكالية تمويل المناخ تعد إشكالية محورية ومن أهم الإكراهات التي تواجهها مجموعة من البلدان بما فيها المغرب.
وأوضحت فتاح، استنادا إلى تقرير للبنك الدولي، أن إجمالي الاستثمارات اللازمة لوضع المغرب على مسار منخفض الكربون وقادر على الصمود يبلغ نحو 78 مليار دولار حتى متم سنة 2050.
وفي هذا الشأن، استعرضت الوزيرة التزام المملكة متعدد الأبعاد بشأن قضايا المناخ، مبرزة طموح المساهمة المحددة وطنيا لتخفيض غازات الاحتباس الحراري بنسبة 45,5 في المائة بحلول عام 2030، وذلك في إطار استراتيجية متكاملة لتنمية منخفضة الكربون في أفق 2050، تروم الانتقال إلى اقتصاد أخضر ينسجم مع أهداف الاستدامة، وتعزيز قدرات الصمود والتكيف وحماية البيئة، التي يقوم عليها النموذج التنموي الجديد للمملكة.
وعلاوة على ذلك، أبرزت أن المغرب نفذ عددا كبيرا من المبادرات التي تهم قطاعات الفلاحة والنقل والاقتصاد الأزرق وتوفير المياه و التدبير المستدام للنفايات الصلبة والسائلة، مما يجسد “التزام المملكة الراسخ بمبدأ الاستدامة”.
وأضافت أن المغرب أطلق أيضا مشاريع هيكلية في مجالات حيوية مثل الطاقات المتجددة حيث تنتهج المملكة سياسة طوعية لدمج الطاقات المتجددة ضمن مزيج الطاقة الوطني.
وذلك ذكرت بأن “المغرب يعتزم بلوغ نسبة 52 في المائة من الطاقات المتجددة، بحلول عام 2030، ضمن مزيج الطاقة المخصص لإنتاج الكهرباء على النحو المنصوص عليه في مساهمتنا المحددة على المستوى الوطني”.
وبخصوص ملائمة القطاع المالي، سجلت فتاح أن هذا التوجه يهدف ليكون رافعة أساسية لنجاح التحول الأخضر من خلال تعبئة الادخار بشكل فعال وتوجيهه بكفاءة نحو الأنشطة الصديقة للمناخ.
وأوضحت الوزيرة أن هذا التوجه يستلزم بالخصوص الأخذ بعين الاعتبار المخاطر المناخية على الاستقرار المالي في إطار السياسات الاحترازية المحددة من طرف مختلف هيئات الرقابة بالإضافة إلى العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) التي تؤثر على أداء المحافظ الاستثمارية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأكدت أن هذه العملية تتطلب تطوير آليات تمويل مبتكرة للمشاريع الخضراء وكذا تطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص كوسيلة واعدة من شأنها أن تقدم حلولا عملية في ظل الإكراهات الحالية على المالية العمومية.
وفي السياق ذاته، أبرزت فتاح ضرورة تطوير رؤية مندمجة وشاملة تهم القطاع المالي بجميع مكوناته لمواكبة وتيرة احتياجات الفاعلين الاقتصاديين في مجال التحول إلى اقتصاد أخضر وتطوير آليات تحفيزية للرفع من دور القطاع الخاص في هذا المجال.
وسجلت أنه على الصعيد الدولي، ونظرا لكون الموارد المالية المحلية وحدها لن تكون كافية للوفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها في ما يتعلق بتنفيذ مشاريع التخفيف أو التكيف، فإن الدعم المالي الدولي وتعبئة التمويل الميسر الدائم يكتسيان أهمية كبيرة.
وأضافت أن إشكالية الوصول إلى هذه التمويلات تبقى مطروحة، مما يستوجب تطوير آليات أكثر مرونة وكذا بناء القدرات في المجالات المالية والتنظيمية والمؤسسية وتتبع التقييم من أجل إتاحة الفرصة للولوج لهذه التمويلات.
وأشارت إلى أن سوق الكربون يمكنها أن تقوم بدور هام في تحقيق تحول مستدام وتحفيز مختلف الفاعلين لاسيما في قطاعي الصناعة والطاقة، ولتقليص الانبعاثات، مشيرة إلى أنه من أجل إنجاح هذه الآلية، ينبغي توفر الشروط اللازمة في ما يتعلق بالبنية التحتية لهذه السوق وهيكلتها، وكذا الموارد البشرية التي ستسهر على إدارتها.
وخلصت الوزيرة إلى أنه “نظرا لكون التمويل المناخي يعد انشغالا متعدد الأطراف، فإنه ينبغي إشراك كافة الفاعلين الخواص أو من القطاع العام، من أجل إنجاح عملية التحول المستدام. وفي هذا الصدد، ينبغي اعتماد رؤية شاملة ومندمجة من أجل تحقيق التآزر ورفع التحديات التي نواجهها”.