الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب 2023: الدعوة إلى نظام غذائي عالمي مستدام
دعا المشاركون بمؤتمر رفيع المستوى، انعقد أمس الأربعاء بمكناس، على هامش فعاليات النسخة الخامسة عشرة للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب إلى تظافر الجهود من أجل خلق نظام غذائي عالمي مستدام.
وفي مداخلة بهذه المناسبة، أوردت كاتبة الدولة لدى الوزارة الاتحادية للأغذية والزراعة بهولندا، أوفيليا نيك، أن جعل الأنظمة الغذائية أكثر استدامة وصمودا يستوجب عملا مشتركا لإيجاد حلول من شأنها ضمان مستقبل آمن ومستدام للأجيال القادمة.
وفي هذا الصدد، أبرزت ضرورة تغيير العادات الغذائية باعتماد تغذية صحية ومستدامة، وضمان ولوج الجميع إلى تغذية آمنة، والتركيز على الإنتاج المستدام من أجل تقليل المشاكل البيئية ما أمكن وحماية الموارد الطبيعية.
ومن هذ المنطلق، أشارت إلى وجوب تغيير طريقة التفكير والعمل من خلال تعزيز التعاون ومشاركة المعارف وكذا إجراء تعديلات على المدى الطويل لجعل الأنظمة الغذائية أكثر صمودا في مواجهة مختلف الأزمات.
ومن جهته، سلط وزير التجهيز والماء، نزار بركة، الضوء على العلاقة الرابطة بين إدارة الموارد المائية وتحقيق سيادة غذائية، موضحا أنه بالنسبة لكل محطات تحلية المياه، يتم اللجوء إلى الطاقات المتجددة للحصول على مزيج بين كل من الطاقة والماء والسيادة الغذائية.
وعلاوة على ذلك، أفاد بأن المغرب يتوفر على عدد من المحطات المائية، منها بالخصوص 152 سدا كبيرا مع 18 سدا جديدا في طور الاستعمال سيمكنون من بلوغ 25 مليار متر مكعب في أفق سنة 2030 في ما يتعلق بسعة التخزين، بالإضافة إلى 16 محطة إمداد ونقل الماء، و12 محطة لتحلية مياه البحر و158 محطة لمعالجة المياه المستعملة.
وفي المقابل، وبالرغم من الإنجازات المذكورة، أكد الوزير على أن الموارد المائية بالمملكة تواجه العديد من الإكراهات نتيجة التغيرات المناخية بالأساس، ولاسيما مع ارتفاع متوسط درجة الحرارة، ونقص التساقطات المطرية، بالإضافة إلى تنامي الطلب على الماء، وانجراف التربة، والاستغلال الجائر للمياه الجوفية، وتلوث الموارد المائية.
وأورد أنه للتغلب على هذا الوضع، تعمل الحكومة جاهدة لضمان الأمن المائي مع الحرص على الأمن والسيادة الغذائيين، مما يُعكس من خلال التنمية الملحوظة التي ستشهدها عملية تحلية المياه خلال السنوات المقبلة.
وأضاف أنه بخصوص محطات تحلية المياه، سيتم استغلال جزء من المياه في الري، الأمر الذي بدأت محطة أكادير العمل به فعليا، مشيرا إلى أن التركيز على تحلية المياه ومعالجة المياه المستعملة، هي في الحقيقة إجراءات تصب في صالح الفلاحة، وتعني أن جزءا كبيرا من المياه الموجهة للشرب في المدن الساحلية ستوجه للاستعمال الفلاحي ونحو العالم القروي.
ومن جهته، أوضح نائب وزير الفلاحة والطبيعة وجودة الغذاء بهولندا، جيدو لانهير، أن ما يعادل 8 مليون شخصا يعانون من المجاعة اليوم، وهو رقم آخذ في التزايد، وأن شخصا من أصل تسعة أشخاص يعاني من المجاعة على كوكبنا، مبرزا أن جائحة كوفيد 19 والأزمة الروسية الأوكرانية فضحت هشاشة النظام الغذائي.
كما طرح العديد من الإشكالات الأخرى مثل ندرة المياه وفقدان التنوع البيولوجي والجيني مما يجعل النظام الغذائي أكثر هشاشة من ذي قبل، داعيا إلى العمل سويا من أجل تقليص هذه الأزمة وتعزيز الأنظمة الغذائية المقاومة والمستدامة.
وأورد بأن “موافقة الأمن الغذائي وحماية البيئة ليس مجرد ترف بل ضرورة”، مشيرا إلى أن الابتكار والبحث عاملان لهما دور محوري في هذا الشأن بفضل الأتمتة والرقمنة.
وأكد على أن النظام الغذائي يشهد تحولا في اللحظة التي نشهد فيها نحن تدهور الأنظمة الغذائية حول العالم.
ويضم برنامج هذا المؤتمر العديد من حلقات النقاش ولاسيما حول تحول الأنظمة الغذائية في سياق الأزمات، والسيادة الغذائية في ظل عجز مائي، وصمود أنظمة الإنتاج وسيادتها، ودور التقدم العلمي والتكنولوجي في سياق تغيرات مناخية حادة، وتعزيز سلاسل القيمة الفلاحية، إضافة إلى تثمين وعصرنة قنوات التوزيع، والتعاون جنوب ـ جنوب في مجال السيادة الغذائية المستدامة.
وانعقدت الجلسة الافتتاحية بحضور كل من وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، ووزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، ووزير التنوع البيولوجي والشؤون البحرية والقروية للمملكة المتحدة، اللورد ريتشارد بينيون.
وتتواصل فعاليات الدورة الخامسة عشرة للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب، المنظمة تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، بعنوان “الجيل الأخضر: لأجل سيادة غذائية مستدامة”، وذلك إلى غاية السابع من ماي الجاري.
و م ع